يصادف يوم السابع عشر من حزيران / يوليو الجاري الذكرى الثانية لتحرير مدينة عدن من مليشيات الحوثي وقوات المخلوع صالح في ظل واقع يسوده مشهد ضبابي غير مضطرد في مختلف جوانب الحياة، وحاله من الاحتقان السياسي هيمنت على الواقع و أخذت كل الوقت في تداولها بعد أن تصدرت الواجهه و أزاحت مطالب و احتياجات المواطن الفسيولوجية والأمان كضرورة أساسية.
عامين من تحرير عدن وعام من عودة الحكومة الشرعية اليها : لم تظفر حياة الناس بالأمن والاستقرار كما يجب نتيجة تعطل أجهزة الشرطة والأمن والقضاء وغيرها من الأدوات التي تعمل على حماية الحقوق والحريات، بالإضافة إلى انعدام توفير الخدمات الاساسية كـ(المياه و الكهرباء ) و غياب قسري لملف إعادة الإعمار تلك الأولوية التي لاتحتمل التقاعس أمام أكثر من 550 أسرة تهدمت وتضررت مساكنها بينها قرابة 150 أسرة بلا عائل.
المعاناة و المأساة لازالت جاثمة على صدر المدينه لم تتغير ؛ فقط تغيرت الإمارات واتضحت رؤيتها للعالم بعد أن تحولت من مهمة دعم و إعادة السلطة الشرعية إلى محتل يقوض مؤسسات الدولة عبر تشكيلات موازيه تدين بالولاء لأبوظبي من كيانات سياسية وجماعات مسلحة خارج إطار منظومة الجيش الوطني والأمن ، تمارس من خلالها تعسفات بحق ابناء المحافظات الشماليه و اعتقال وإخفاء ناشطين ومدنيين دون مسوغ قانوني، وايداعهم سجون سريه تدار خارج القانون.
سيطرت الكيانات والجماعات المسلحة المدعومة والمدربة من قبل دولة الإمارات، الدولة الثانية في التحالف العربي لدعم الشرعية ، على كل المستويات في المدينة خلق حالة من الفراغ السياسي و تعطيل برامج وخطط الحكومة في تفعيل المؤسسات وتطبيع الحياة خصوصاً بعد أن أصبح دور الحكومة منعزلاً عن المحيط المجتمعي وتركزها في منطقة "المعاشيق" الخاضعة لقوات الحزام الأمني.
لم يقتصر الأمر على ذلك فحسب بل حدث مالم يكن في حسبان الكثيرين: منع طائرة الرئيس الشرعي، عبدربه منصور هادي، من الهبوط في مطار عدن الدولي . ومواجهة قرارات الرئيس بالتمرد والعصيان والفوضى.
ماتحقق في عدن خلال العامين لايبدو على المستوى المأمول ولن يتغير الوضع فالتجاذبات السياسية التي اشتدت وتيرتها في الأيام الأخيرة تنذر باصطدام مسلح جديد وحرب داخليه بين مايسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالإنفصال والمدعوم إماراتيا وبين قوات الرئيس هادي.
في غضون ثلاثة أشهر قتل 850 مدني و أصيب أكثر من 3500 آخرين كانت هي تكلفة دفعتها عدن لطرد المليشيات الانقلابية وتتنفس الصعداء ... اولئك سيخلدهم التاريخ بأنصع صفحاته وسيذكرهم للأجيال القادمه؛ لكنها لاتساوي مقدار بعوضه ومنسيه في نظر مهندسي مشاريع الإنقسام والاحتلال والفوضى التي يدفعها ماتبقى من المدنيين كفاتوره أخرى اليوم.