يصمت الرئيس هادي طويلاً في سرداب سكونه ثم يخرج علينا فجأة بحزمة قرارات تحدث إرتجاجاً في التوازن الوزاري وتردم كل المخططات ويأتي بتشكيلة جديدة ويقطف رؤوس كادت أن تينع.
في مطلع أبريل الماضي أصدر هادي قرارات أطاحت بمسؤولين محسوبين على أبو ظبي وهما محافظ عدن السابق "عيدروس الزبيدي"، وقائد الحزام الأمني "هاني بن بريك" على إثر تلك القرارات تَكَشف انحراف مسار الإمارات عن دورها الرئيسي في اليمن.
الإطاحة بدومينيها -أي أبوظبي- دفعها بانتقامية وسادية مفرطة إلى دفع عيدروس وبن بريك وبمعيتهم 24 شخصية جنوبية إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يقوض وحدة اليمن ويتبني مشروع الانفصال.
مساعي أبوظبي لطبع سياسية و أيدلوجية محمد بن زايد القمعية لم تقتصر عن ارتكاب التعسفات بحق بعض المسؤولين في الحكومة الشرعية والصحفيين بل أنها سعت إلى ما هو أبعد من ذلك والتصرف كالمحتل عبر إقامة المعتقلات و السجون السرية البشعة بمحافظتي عدن وحضرموت.
وهذا ما كشفته وكالة الأسوشيتد برس في تحقيق لها أكدت فيه أن القوات الإماراتية والتابعة لها في عدن وحضرموت (جنوب البلاد ) اعتقلت أكثر من 1900 شخص وأودعتهم سجون سرية بشعة.
كلما سعت أبوظبي لتنفيذ خططها تسعى بموازاتها اجراءات لمواجهتها بطريقة حقوقية تحدث حراك في أروقة الكونغرس الأمريكي أو بطريقة أخرى تتخذها الحكومة الشرعية عبر اتخاذ اجراءات تجرد الأيادي المشتركة في تلك الانتهاكات.
الأمر الذي دفع الرئيس هادي إلى مخالفة توقيته المعتاد في إصدار قراراته الجمهورية بعد أن كان يصدرها في التاسعة مساء ...لم يسبق أن صدرت قرارات في البلاد في وقت متأخر من الليل وهذا الأمر يكشف مدى حجم خطورة الأسباب التي دفعته لذلك.
القرارات المفاجئة تلك قضت بالإطاحة بثلاثة محافظين لثلاث محافظات (شبوة وحضرموت وسقطرى) لعدة أسباب تتلخص في التالي:
أولاً: الفشل الذريع في الإدارة و التلاعب بالإيرادات خصوصاً أنها تعد محافظات غنية بالنفط الخام؛ فحضرموت وحدها تصل عائداتها النفطية إلى 156 مليون دولار والإيرادات السنوية إلى أكثر من 600 مليون دولار ...بالإضافة إلى ذلك ضلوع بعض المحافظين في كيانات غير مشروعه وممارسة أفعال غير قانونية تهدف إلى تشويه صورة الشرعية و اتهامها بتهم خطيرة كما تلك التهمة التي وجهها محافظ حضرموت المقال، أحمد بن بريك، في مايو الماضي للحكومة الشرعية بدعمها لتنظيم القاعدة.
ثانياً: إفحام وسائل إعلام تابعة للإمارات تحدثت عن قرب التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة اليمنية، في ظل غياب تام للحديث عن المساعي السياسية للحل، وذهبت تلك الوسائل تقول أن تنازلاً سيقدمه الرئيس هادي عن السلطة لبحاح وفق تسوية ترعاها دول خارجية، ولا تتحدث تلك الوسائل الاعلامية في معزل من الفراغ لأن أي عمل أو اجراء يسبقه ترويج دعائي.
ثالثاً: فرملة وترحيل اجتماع هيئة رئاسة واعضاء المجلس الانتقالي الجنوبي المزمع عقده في حضرموت خلال الأيام القادمة لإقرار نظام ولوائح المجلس لمباشرة خطواته التي وصفت بالهامة والتاريخية ينال فيها "بحاح" مكانة مرموقة.
رابعاً: قطع المحاولات المحتملة عن إعلان إقليم منفصل يحظى بدعم و تأييد إماراتي يضم المحافظات الجنوبية؛ لذا كان من الصواب تعيين اللواء فرج البحسني محافظا لحضرموت مع الاحتفاظ بمنصبه كقائد للمنطقة العسكرية الثانية لتعزيز ومواجهة أي تجاوزات قد تحدث أو يخطط لها ضد السلطة الشرعية.
هادي الذي تعرض لمضايقات عده من قبل القوات التابعة للإمارات في عدن يطبخ على نار هادئة ويخرج بإجراءات تعزز قوة الشرعية و تواجه التجاوزات.