كانت قرارات الرئيس الليلة الماضية مفاجأة، فلم يسبق أن صدرت قرارات جمهورية في اليمن في وقت متأخر من الليل ولكن هناك أسباب دفعت الرئيس إلى اتخاذ قرار عزل ثلاثة محافظين بعجل، ولم ينتظر إلى مساء اليوم كالمعتاد الساعة التاسعة.
أولا: وصول نائب الرئيس المعزول "بحاح" إلى حضرموت بطائرة خاصة ونزل في مطار "الريان" وأعلن إعادة العمل في المطار، رغم انه لا يحمل صفة رسمية، فما علاقته بافتتاح مطار والتحدث وكأنه صاحب سلطة، وقدم شكر للسلطة المحلية والتحالف ولم يذكر الشرعية، وتكلم عن آماله وتطلعاته من قبيل سنعمل ونفعل ونتطلع...الخ.
كلامه استفزنا نحن الناس العاديين، فكيف برئيس الجمهورية الذي يعتبر ذلك تحدي لسلطته، وعدم احترام الحكومة صاحبة الشأن، والقرار فمن تكون أنت تقوم بهذا العمل الذي تجاوز قواعده الإدارة والسياسة، والأكثر استفزازا ان ينزل من الطائرة والضباط يقفون ويرفعون التحية(تتميم)، وكأن حضرموت صارت دولة لوحدها، وبحاح حاكمها، وتلك الحركات اشبه بإعلان البيان رقم (1).
ثانيا: بعد وصول بحاح بدأت وسائل إعلام اماراتية وأخرى تتحدث عن تسوية سياسية، وسيكون لبحاح دور فيها، وبدأت حالة الجدل تثور، والتحليلات، والتنبؤات، والتوقعات تتولى، في ذات الوقت بدأت مواقع محسوبة على الحراك وبعضها مدعومة من بحاح تسرب أخبار، ان الرئيس هادي سيتنازل عن السلطة للرجل وفق تسوية ترعاها دول خارجية وأن بحاح يحظى بدعم سعودي اماراتي، وكانت هذه الإشاعة المنظمة تنتشر يوم أمس، بعدها سرب نفي عن مصدر رئاسي، وجاءت القرارات لتدحض تلك التسريبات.
ثالثا: القرارات أطاحت بثلاثة محافظين في اهم محافظات الجنوب وكلهم من ضمن ما يعرف بمجلس عيدروس الذي تلاشى، فنجد أن محافظتي شبوة وحضرموت فيها أكبر الحقول والموانئ النفطية، اي أنها المخزون النفطي لليمن، وسقطرى، جزيرة تعد درة اليمن ،وهنا يمكن القول أنه كان المحتمل أن يقوم بحاح بإعلان إقليم منفصل وحكم ذاتي يضم هذه المحافظات بتأييد المحافظين ودعم "الإمارات" وإذا لاحظتم المناطق التي يسيطر عليها حفتر في ليبيا ستجدون أنها مناطق الثروات..
بتعيين الرئيس اللواء فرج البحسني محافظا لحضرموت مع الاحتفاظ بمنصبه كقائد للمنطقة العسكرية الثانية، يكون بذلك قد قطعت الطريق أمام محاولات استقطاع حضرموت عن اليمن والتي كان قد أعلنها المحافظ السابق، المحافظ الجديد سيفرض سلطته بالقوة العسكرية التي يمتلكها، وسيخمد اي قوة تريد أن تتجاوز السلطة الشرعية، ولن يقع في موقف محافظ عدن الذي يقف عاجزا عن دخول المحافظة.
كذلك أن في القرارات رسالة قوية لمن يريد أن يلعب بذيله أو يتصرف دون علم القيادة العليا، وأن كان لهم علاقات خارجية، فالرئيس صاحب السلطة والقرار، وكأنه قال لهم، أنا هنا لازلت موجود انتبهوا..!
نقطة أخيرة القرارات تأخرت لأن الرئيس أجرى مشاورات عاجلة ومكثفة على كل المستويات واكتمل التجهيز في ذلك الوقت واتخذها مباشرة، ويمكن أنه ومن خلالها أفشل مخطط قد يكون أكبر مما نتوقع.