جاء روحاني وعاد إلى بلاده دون أن نسمع كلمة إيجابية واحدة من إيران، تجاه المنطقة ودولها.
صمت الجميع، ولم يقل لنا أحد من المسؤولين في عمان أو الكويت ماذا قدم الرئيس الإيراني مقابل المبادرة التي نقلت إليه عبر وزير خارجية الكويت قبلها بأسابيع قليلة، ولم يعطنا الجانب الإيراني بصيص أمل ولو كان ضئيلاً بجدية ما يقال عن أنه تحرك لتخفيف حدة الاحتقان بين دول الخليج وإيران، ولأننا نعرف أن دهاليز السياسة متشعبة وعميقة وكثيرة المنعطفات، وأن القضايا قد تختفي داخلها وتتشابك أو تتصادم.
وقد تطول فترة غيابها هناك حتى تجد مخرجاً، أقول لكم، لأننا نعرف كل ذلك سننتظر مع المنتظرين، مع عدم ثقتنا في الوعود التي تعطى في السر، أي التي يُلَمّح لها ولكنها لا تعلن، خاصة إذا كان الطرف الآخر نظاماً اعتاد أن يقول شيئاً ويفعل عكسه!
وللأسف، فإن بعض الأصوات في دول الخليج خاضت في نتائج زيارة روحاني تطوعاً وكأنها عارفة بالخفايا، وهي أصوات كتاب رأي ومحللين تلفزيونيين، فهؤلاء تحدثوا عن تهدئة إيرانية.
وكأن هذا هو المطلوب بعد كل ما عانيناه من تصرفات نظام طهران، ونحن نعذر أولئك الأشخاص لأنهم يريدون تبرير استمرار البعض في التعامل بحسن نية مع إيران، رغم كم الخلايا المحمولة والمهربة من الحرس الثوري وحزب الله والمكتشفة في بلادهم، وكميات الأسلحة المهربة إليها، ولكننا لا يمكن أن نتقبل أن توصف زيارة فاشلة بأنها ناجحة!
إذا كانت إيران راغبة في التهدئة، ما عليها سوى الإعلان عن توقف أنشطتها المعادية لدول مجلس التعاون الخليجي بصفة خاصة، والدول العربية بصفة عامة، فالتدخلات في الشؤون الداخلية للدول العربية مجتمعة صدرت من إيران.
وهي السبب الأول للخلاف القائم، واعتقاد «الملالي» أنهم مرجعية الشيعة العرب، وأنهم مسؤولون عن المواطن الشيعي في كل دولة، سبب آخر للحذر من الفكر المذهبي لنظام طهران، أما السلاح وتهريبه إلى الدول، والتأثير في استقرارها، وتشكيل خلايا للتفجير وممارسة الأعمال الإرهابية، وما تبعها من تجميع ميليشيات تقاتل باسمها في عدة دول، كل ذلك يجب أن يتوقف، وأن تعود إيران إلى خلف حدودها، فهذه الأفعال أصبحت علنية، ووقفها لابد أن يكون بإعلان صريح، وليس بتلميحات مستمدة من مبدأ «التقية»!