ظاهرة الهجرة العربية إلى الغرب ظاهرة لم تكن بالظاهرة الجديدة فقد عمل الأعداء في تهجير العلماء والمفكرين في جميع التخصصات وخاصة التخصصات النادرة فبعد ان كان العرب يستقطبون العقول وتعليمهم وتأهيلهم بشتى أنواع العلوم والمعرفة في العصر الذهبي.
حيث كانت الحضارة الإسلامية متقدمة وكان في منتصف القرن الثامن لغاية الرابع عشر والخامس عشر ميلادي خلال هذه الفترة قام مهندسو وعلماء وتجار العالم الإسلامي بالمساهمة بشكل كبير في حقول الفن والزراعةوالإقتصاد والصناعة والآداب والملاحة والفلسفة والعلوم والتكنولوجيا والفلك وامتدت هذه الحضارة القائمة بعد أن أصبح لها مصارفها وروافدها ظهرت نهضة علمية فظهرت الجامعات الإسلامية لأول مرة في العالم الإسلامي قبل أوروبا بقرنين وكانت أول جامعة بيت الحكمة أنشئت في بغداد سنة830 ثم تلاها جامعة القرويين سنة 895 في فاس ثم جامعة الأزهر سنة 970 في القاهرة وكانت أول جامعة في أوروبا أنشئت في سالرنو بصقلية سنة 1090 على عهد ملك صقلية روجر الثاني وقد أخذ فكرتها من العرب فبعد ماكانت مصدر العلم في بلاد المسلمين أصبحنا نذهب إلى الغرب من أجل أن نتلقى العلوم فكثير من البلدان العربية تفتقر إلى البحث العلمي وإلى الجامعات وبالتالي يتم إرسال أبناء الوطن إلى الجامعات الغربية لتلقي العلوم ومن ثم يتم استقطاب الكوادر النابغة في أغلب المجالات وتقديم لهم الإغراءات فتستوطن العالم في البلد المبعوث إليها وبالتالي فإن بلده الأم تفقد عقلا مثمرا فيؤثر على بلده الأم التي أنفقت عليه من أجل أن يصل إلى هذا المستوى فيكون التأثير على التنمية الاقتصادية وتشير تقارير مختلفة إلى أن العرب يقدمون ثلث الكفاءات العلمية المهاجرة من دول العالم الثالث إلى الغرب ولو سلطنا الضوء على أسباب هذا النزيف وأبعاده وتداعياته على العملية الاقتصادية والاجتماعية في العالم العربي
ومن أهم الأسباب أن هناك خلل في سياسة الدول العربية فيما يتعلق في مجال البحث العلمي حيث أن بعض الدول العربية تنفق على البحث العلمي مبالغ طفيفة مقارنة ماتنفقه في المؤسسة العسكرية أو في شراء السلاح والذخائر وأن كثير من الدول العربية تكدس السلاح لا الكتب وتبني السجون لا الجامعات بل قد يقاد أصحاب هذه العقول للسجون ويخضعون للتعذيب بسبب أرائهم السياسية مما يضطرون لمغادرة وطنهم الأم إلى بعض البلدان التي هيأت لهم الأجواء في مجالهم فقد يجدون في بلاد الغرب مالم يجدونه في بلدهم الأم حيث يمثل ضعف البحث العلمي وتراجع الإنفاق به ورعايته أحد التجليات الكبيرة بأسلوب إدارة الحكم العربي من مجتمعات مأزومة سياسيا ثم معرفيا وفي ظل أنظمة قمعية كان أصحاب العقول والإبداع لابد أن ينجون بثرواتهم نحو الغرب حيث يلاقون التقدير والرعاية والعمل. ...
إن هذا الإستنزاف مكلف كبد العرب أحد عشر مليار دولار في السبعينات وخسائر في الوقت الحاضر تفوق مائة مليار دولار كما أن الحكومات العربية تمنح فرصة للفنانين والراقصات ويعملون جاهدين لتحويل الشعوب من شعوب منتجة مثمرة إلى شعوب مستهلكة وإلى شعوب تلهو وتلعب فقط كما ان بعض الحكومات العربية لا تستثمر رأس المال البشري وتقوم باستقطاب العقول البشرية بل تعمل على عكس ذلك يتم تهميش المفكرين من أبناء الوطن والمبدعين والمخترعين والنوابغ من العلماء وقد يزج بهم في السجون ويقومون باستقدام بعض العقول الغربية ليتيحون لهم المجالات والمناصب العلمية...
كما أن أصحاب القرار السياسي لا يتيحون الفرصة لمثل هذه الكوادر ولم يضعون الرجل المناسب في المكان المناسب فتجد منهم في أعلى قمة في السلطة قد يفتقرون أصلا في أبجدية العلوم فمثل هذه الكوادر يخافون منها من أجل ألا يبدعون في أوطانهم ويقومون بتوعية الشعوب ويخرجونهم من الجهل وبالتالي سيكون ذلك خطرا على السياسيين الذين هم أصلا يفتقرون لأبسط العلوم فعلى سبيل المثال من كان يوما يحكم اليمن الذي هي منبع الحضارة ومصدرة للعلوم عبر التاريخ أصبح يحكمها رجل أمي طيلة 33سنة فعمل جاهدا على تهجير العقول المثمرة وبعد هذه الفترة تآمر على الشعب اليمني وتحالف وسلم البلاد إلى قوة ظلامية سلالية جاهلة أتت من الكهوف لا تعترف بقيمة العلم والعلماء فاعتقلوا العلماء والعقول المبدعة والنوابغ المثمرة فقتل من قتل منهم واعتقل من اعتقل فما كان أمام الآخرين إلا الهجرة من وطنهم الأم فيصدرون ثرواتهم لتلك البلدان فتستفيد منهم ومن ثرواتهم العلمية
واختراعاتهم لانها دول تقدر العلماء وتحترمهم بينما بلدهم الأم تجيد التحطيم.....