لا أحد يستطيع ان يصف حال حلب اليوم الا فحلها وشاعرها ابو فراس الحمداني .. مدح سيف الدولة أمير حلب وفارسها يومذاك وقلبه هائم في حب حلب ، ولأنه اخذ من سيف الدولة مجرد عنوان للتعبير عن عشقه لحلب فقد ادرك حكامها هذه الحقيقة فرموه في السجن منفردا حيث هجره الجميع فلم يجد غير حمامة ، كانت قد بنت عشها في النافذة الصغيرة الوحيدة والتي يتسرب منها النور الى زنزانته ، ليخاطبها بأروع ما جادت به قريحته :
اقول وقد ناحت بقربي حمامة / أيا جارتا هل تشعرين بحالي؟
أيا جارتا ما أنصف الدهر بيننا/ تعالي أقاسمك الهموم تعالي
أتحمل مخزون الفؤاد قوادم/ على غصن نائي المسافة عالي؟
إلى أن يقول ...
أيضحك مأسور وتبكي طليقة / ويسكت محزون ويندب سالي ؟
لقد كنت أولى منك بالدمع مقلة / ولكن دمعي في الحوادث غالي ..
وجاء الزمن الذي وضع فيه الطغاة حلب محل سيف الدولة في تلك الزنانة المظلمة في اكثر المشاهد تعبيرا عن إفلاس الطغاة حينما يتجرأون على كبرياء التاريخ ظناً منهم انهم يطاولونه بقاماتهم القميئة والمشوهة.
*من صفحة الكاتب على فيس بك