تسربت في اليومين الماضيين ملامح تسوية سياسية للأزمة القائمة في اليمن، عبر ورقة مكتوبة نسبت إلى المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، وذلك بعد ساعات قليلة من مغادرته العاصمة صنعاء ولقائه بوفدي حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وجماعة الحوثي.
وفيما لم يعلق ولد الشيخ نفسه على خريطة التسوية المقبلة، بتفاصيل يمكن البناء عليها لمعرفة طبيعة هذه التسوية، إلا أن مصادر عدة تؤكد أن التسوية ترتكز على المرجعيات الثلاث المتفق عليها في معالجة الأزمة القائمة منذ سقوط العاصمة صنعاء في الحادي والعشرين من سبتمبر/أيلول من العام 2014 في أيدي تحالف الحوثي صالح، وهي مخرجات مؤتمر الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن الدولي، وما تبع ذلك من تطورات أفضت إلى خروج الرئيس عبدربه منصور هادي من صنعاء بعد حصار منزله ولجوئه إلى الاستعانة بدول مجلس التعاون الخليجي للمساعدة في استعادة شرعيته.
أكثر من ذلك، فإن الخطة الملتبسة تستند إلى المقترحات التي قدمها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في الزيارة التي قام بها إلى المملكة العربية السعودية مؤخراً، والتي تتجاوز الأفكار الواردة في المقترحات التي سبق لولد الشيخ تقديمها للمفاوضين اليمنيين في مشاورات الكويت ورفضها الحوثيون وصالح على أساس أنها لا تربط المسارين الأمني والسياسي.
في التحليلات لطبيعة التسوية المسربة، يرفض الطرفان تفاصيلها، وإن لم يرفضا مضمونها، وكل طرف يريد أن يحقق أجندته، لكن من الواضح أن الطرفين باتا على قناعة من أنه لابد من وجود طريقة تنهي الحرب القائمة في البلد، بعد أن وصلت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية إلى مرحلة لم يعد أي طرف قادراً على معالجتها والتخفيف من آثارها التي صارت تمس كل بيت.
يحسب السياسيون للمكاسب السياسية أكثر من الحرص على معالجة الأزمة التي تعصف بالجميع، وهم لا يدركون أن الناس هم الذين يدفعون الثمن، وقد خبروا حروباً كثيرة ومتعددة من عقود لم يكسب الحرب أحداً، واضطروا إلى التسليم بالتسويات التي جلبتها مفاوضات استمرت لسنوات، لكن بعد خراب كبير، تماماً كما هو حاصل اليوم.
السؤال الذي يبرز اليوم هو ما إذا كان اليمنيون سيلتقطون هذه اللحظة التاريخية للبناء عليها لإعادة السلام المفقود في بلادهم وتجاوز حالة العناد السياسي المغذى بإرادات سياسية خارجية، والبدء في إعادة بناء السلام، وأن الأوان قد آن ليتخلوا عن السلاح، كما قال وزير الدولة للشؤون الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة الدكتور أنور قرقاش، في تغريدة له تعليقاً على خطة السلام المقترحة؟
الكرة اليوم في ملعب اليمنيين أنفسهم، وما لم يستغلوا حماس الخارج للمساهمة في حل مشاكلهم اليوم، فإنهم قد لا يجدونهم إلى جانبهم غداً، وسيكونون لقمة سائغة للأجنبي الذي يتربص بهم وبأمنهم وبكيانهم بأكمله.
نقلا عن صحيفة الخليج الاماراتية