[ قوات إماراتية في جنوب اليمن ]
قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إن اليمن كدولة لم يعد موجوداً وسط صراع دول على دويلات بات لها فعل الأمر الواقع، خاصة أن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وحكومته لم يعد لهما أي تأثير على الأرض.
وأضافت الصحيفة في تقرير لها ترجمه للعربية "الموقع بوست" بأنه عندما حرر الجنود اليمنيون سراح مدينة المكلا من قبضة تنظيم القاعدة في عام 2016، تم الترحيب بهذه اللحظة باعتبارها إشارة على جهود الحكومة لإعادة توحيد أمة منكوبة بسبب الحرب الأهلية.
وأشارت إلى أنه بعد مرور أكثر من عامين على تراجع القاعدة، ما زالت الحكومة اليمنية غائبة، ويعتمد المحافظ فرج البحسني على الإيرادات المحلية بدلاً من مساهمات الدولة في ميزانيته.
وتصف الصحيفة المكلا بأنها "تمثل نموذجاً من طبيعة الصراعات التي تجري حتى في المناطق المحررة".
وقالت "لا يكفي أن تستحصل على إذن من جهة حكومية رسمية، وإنما يحتاج الأمر إلى موافقة من القاعدة العسكرية التابعة للإمارات".
ويقول موفد الصحيفة إلى المكلا، كريم فهمي، إن هذه المدينة التي كانت في قبضة تنظيم القاعدة حتى 2016، تمت استعادتها من قبل قوة أشرفت عليها الإمارات، لكن بعد مرور عامين ما زالت الحكومة غائبة.
وأشارت إلى أن محافظ المدينة فرج البحسني يعتمد على الإيرادات المحلية لتسوية أمور المدينة، وكذلك على ما تقدمه الإمارات من دعم مالي.
وتقول الصحيفة "المدينة اليوم تعيش حالة من الفوضى بعد استعادة السيطرة عليها، خاصة في ظل انتشار المليشيات وانفلات السلاح، مثلها مثل كثير من المدن التي تمت استعادتها سواء من القاعدة أو الحوثيين المدعومين من إيران".
واعتبرت الصحيفة أن تفكك اليمن هو أكبر التحديات التي تواجه سياسة واشنطن، التي دعمت حكومة هادي في محاولته لاستعادة الوحدة، لكن الأخير قضى معظم وقته خارج البلاد وتحديداً في السعودية بعد الإطاحة بحكومته.
ولفتت إلى أنه لا يتمتع بشعبية كبيرة، ولم يتمكن من إزاحة المتمردين (الحوثيين) أو حتى تأكيد سلطته بشكل حاسم في المناطق التي تسطير عليها حكومته اسماً.
ونوهت الصحيفة إلى أن شعور الولايات المتحدة بأن حالة الفوضى "ستؤدي إلى تمكين القاعدة في شبه جزيرة اليمن، وهي إحدى أخطر الجماعات المتطرفة.
وكان خبراء الأمم المتحدة قالوا في وقت سابق من هذا العام إن "اليمن كدولة لم يعد موجوداً"، وبدلاً من ذلك "هناك دويلات متصارعة، ولا يوجد جانب واحد يملك الدعم السياسي أو القوة العسكرية لتوحيد البلاد أو تحقيق النصر".
ويقول مسؤولون أمريكيون إنهم يدفعون أطراف الصراع في اليمن إلى طاولة المفاوضات، التي وصفها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بأنها أولوية للأمن القومي الأمريكي.
لكن الولايات المتحدة، كما ترى "واشنطن بوست"، أبعد ما تكون عن الحياد في صراع اليمن، فهي تدعم تحالف السعودية والإمارات الذي يقاتل نيابة عن حكومة هادي الحوثيين. السعودية والإمارات قامتا بتدعيم مواقفهما في اليمن عبر تشكيل تحالفات مع شخصيات سياسية محلية، ورعاية وتدبير وتمويل قوات تقاتل عنهما بالوكالة، حسب الصحيفة.
وقد فشلت جهود السلام بشكل متكرر خلال السنوات الثلاث الماضية. وفي ظل تواصل القتال فإن الإحساس بالتماسك الوطني "يتبخر".
ويقول بدر باسلمه، وزير النقل اليمني السابق الذي يعيش في المكلا، عاصمة حضرموت، كبرى محافظات البلاد، إن "اليمن القديم لن يعود أبداً".
لقد تم استبدال الدولة المركزية بالحكم الذاتي االإقليمي، والسؤال الأكثر إلحاحاً الآن: كيف سيستقر اليمن الجديد؟". وتضيف الصحيفة الأمريكية أن الكثير من اليمنيين يناقشون هذه الأيام إن كان الانقسام سيكون نعمة عليهم، أو أن العكس هو ما سيحصل.
وفي وقت سابق، ذكر تقرير لوكالة أسوشييتدبرس الأمريكية أن "الإمارات والسعودية قامتا بدفع أموال طائلة لمقاتلي تنظيم القاعدة للانسحاب من مناطق سيطر عليها، كما تم السماح لهم بسحب سلاحهم الثقيل من تلك المناطق".
وبعد عامين من استعادة المكلا "لا يبدو أنها على استعداد للعودة إلى الدولة المينية، فهي تتصرف كدولة مستقلة محمية من الإمارات التي بنت العديد من القواعد العسكرية فيها".
وتنقل الصحيفة عن سكان المدينة "إشادتهم" بقوات النخبة التي ساعدت في حصر السلاح، غير أن منظمات حقوقية اتهمتها بعمليات تعذيب، ينكرها المسؤولون المحليون.
وتشير إلى أن القوات الأمنية في المكلا تتلقى تمويلاً ورواتب من الإمارات، وبعضها يتلقى رواتب من الحكومة اليمنية، ما يثير تساؤلات حول ولاءات الجنود، كما أن التباين في الرواتب أدّى إلى احتكاك بين الجنود أنفسهم، فالرواتب التي تدفعها الإمارات أعلى من تلك الآتية من الحكومة.
ويقول مسؤول محلي رفض الكشف عن اسمه، إن القوات المدعومة من الإمارات قامت مراراً وتكرارا بأنشطة عسكرية دون التنسيق مع الحكومة، ما تسبب في حدوث ارتباك.
ويضيف التقرير: "لا توجد سياسة واضحة، في جنوب اليمن ظهرت وحدات يدعهما التحالف، بل إن بعض تلك القوات قاتلوا علانية القوات الحكومية اليمنية".
وتساءلت الواشنطن بوست: من يسيطر على المناطق والمدن اليمنية؟ سؤال بات يطرح بقوة في ظل التباين الواضح بين مختلف أطراف الصراع، وهو ما أدى إلى أن كثيرين من أصحاب المصانع والعمال والطبقة العاملة لا يعرفون إلى أين يلجؤون لطلب المساعدة أو حتى الحماية.