[ التقرير يكشف عن إستراتيجية الإمارات في تعاملها مع القاعدة ]
قال ضباط إماراتيون إن مهمتهم في العمل العسكري باقية في اليمن حتى بعد حل النزاع القائم بين الشرعية والانقلاب.
ونقلت صحيفة الإندبندنت عن ضباط إماراتيين التقتهم في عدن قولهم بأنهم باقون في اليمن لمحاربة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية حتى لو انتهى النزاع مع الحوثيين.
وكرست الصحيفة في تقرير لها الضوء على معارك الإمارات على تنظيم القاعدة في مدن جنوب اليمن، وذلك عقب تقارير صحفية كشفت عن تحالف التنظيم مع قوات الإمارات والسعودية في اليمن.
وقال مسؤول إماراتي للصحيفة إن الإمارات قامت منذ تدخلها في اليمن في العام 2015م بتدريب قوة عسكرية قوامها 60 ألف جندي تتألف من رجل القبائل وقوات الأمن السابقة والمليشيا لمواجهة الإرهاب في اليمن.
وعن الإنجاز الذي تحقق في تلك المعارك قال مسؤول إماراتي للصحيفة بأن القوات المدعومة من الإمارات خفضت السيطرة الجغرافية للقاعدة، وحولتها إلى مجرد سلسلة من القرى، بينما تناقص عدد مقاتلي القاعدة إلى 200 مقاتل، لا يفعلون سوى القليل وينجون من الغارات الجوية التي يوجهها لهم التحالف العربي.
ووصف الضابط الإماراتي وضع القاعدة في اليمن بأنها في حالة انحدار، وقال بأنها لا تملك سوى جيوب صغيرة من الأراضي المعزولة في محافظة مأرب الوسطى، وإلى الجنوب في البيضاء، وإلى الشرق في وادي حضرموت، وأضاف: لقد تم تدمير قدراتها على التخطيط للهجمات في الخارج من اليمن.
ورفض القادة الإماراتيون -وفق الصحيفة- الاتهامات التي ذكرتها وكالة أسوشيتد الأمريكية عن تحالف الإمارات مع تنظيم القاعدة، ووصفوها بأنها "غير صحيحة وغير منطقية"، لكنهم كشفوا عن "حالات استسلام معزولة" من مجموعات صغيرة للقاعدة.
وقال محافظ حضرموت للصحيفة إن عدد قتلى القاعدة ارتفع مؤخرا، واعتبر ذلك دليل على فوز عسكري ضد القاعدة.
ونفى البحسني ما نشرته الأسوشيتد برس، خاصة ما يتعلق باستيعاب التحالف لقيادات في القاعدة في صف التحالف العربي، وذكر بأن عدد قتلى القاعدة أثناء تحرير حضرموت وصل إلى 360 قتيلا، بالإضافة لإصابات كثيرة في صفوفها.
ونقلت الصحيفة عن أحد شهود العيان قوله بأن المعركة مع القاعدة في المكلا كانت خاطفة وسريعة، وقال: "نحن نفهم أن هناك نوعًا من الوساطة لتجنب وقوع عدد كبير من القتلى المدنيين، لقد سررنا بسرعة اختفاء القاعدة من المدينة".
وتضيف الصحيفة: يقول المحللون إن الصفقات داخل المكلا كانت "مبكرة" في المعركة.
وقال بيتر ساليسبري الخبير في شؤون اليمن في تشاتام هاوس للصحيفة: "تم تقديم خيار بسيط في تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، إما مواجهة التحالف أو يمكنك الخروج والخروج بأسلحتك وأموالك وأنصارك".
وأضاف قائلاً: "اتخذ تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية قراراً إستراتيجياً، فبعد الضغط العسكري عليهم وضربات الطائرات كان من المنطقي في مصلحتهم على المدى الطويل عدم شغل مساحة فعلية حيث كانوا هدفاً مرئياً".
وقال مايكل هورتون من مؤسسة جيمستاون التي تتعقب الإرهاب: "لقد فهمت القاعدة في شبه الجزيرة العربية أنها لن تبقى في المكلا، وعرف تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية هذا الأمر، وشوهد وهو ينقل معدات ثقيلة من المكلا".
وأضاف: "هذا يعني أنه لا يمكن إنكار أن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية لم يعد يسيطر على هذه المناطق الضخمة من الأراضي، وبغض النظر عما يحدث في جنوب اليمن، فإن الحرب ضد القاعدة في شبه الجزيرة العربية تقلل من أثرها الجغرافي".
ووفقا للصحيفة فقد اعترف أحد كبار القادة الإماراتيين للصحيفة بأنهم استوعبوا هروب مقاتلي القاعدة الذين تم إغرائهم بالانضمام للقاعدة مقابل الحصول على المال بعد تنفيذ برنامج دقيق من التحقيقات والمراقبة وإعادة التأهيل.
وقال القائد إن البرنامج كان ناجحاً: أرسل المقاتلون السابقون رسائل إيجابية إلى زملائهم السابقين في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، مما شجع المزيد على كسر صفوفهم والانضمام إلى القوات اليمنية.
وقال مسؤول كبير آخر في الجيش الإماراتي إنه بسبب تعقيد الوضع في مأرب بوسط اليمن، حيث يوجد لدى قوات التحالف قوة كبيرة تقاتل الحوثيين في التلال، يعتمد أمن معسكرهم بشكل غريب على علاقة غير معلنة مع القاعدة.
وتضيف الصحيفة: على الرغم من نيتهم (الإماراتيين) في نهاية المطاف القضاء على القاعدة في مأرب، إذا كانت قوات التحالف ستقاتل المسلحين في المنطقة في الوقت الحالي أثناء محاولتهم لمحاربة الحوثيين، فإن مقاتلي القاعدة في شبه الجزيرة العربية سوف يشكلون تهديدًا كبيرًا لمخيماتهم هناك.
واعترف نفس المسؤولين أيضا أنهم عندما ذهبوا سرا إلى عدن للإطاحة بالحوثيين لأول مرة في ربيع عام 2015 ، وجدوا أنفسهم يقاتلون عن طريق الخطأ إلى جانب تنظيم القاعدة، الذي كان يرى في الحوثيين عدوا لهم.
وتضيف الصحيفة: تكمن المشاكل في مدى تعقيد القاعدة في اليمن، وقدرتها على عدم التمييز بينها وبين المجموعات الأخرى، والتي تعد جزءًا من إستراتيجيتها للبقاء في اليمن، إنها جماعة إرهابية دولية لا يمكن فصلها بسهولة، ولكنها غالباً ما تكون راسخة في المجتمع، فقد تزوج زعمائها من عائلات كبيرة، وأصبحوا جزءاً من القبائل المؤثرة واشتروا الولاء، كما أن أيديولوجيتها غير واضحة فعليًا عن الجماعات السلفية القوية في اليمن التي تقاتل داخل التحالف العربي ضد الحوثيين.
وتواصل: أحد اليمنيين من عائلة بارزة مؤيدة لدولة الإمارات في الجنوب، اختطف ابن عمه من قبل القاعدة في المكلا في عام 2015 ، قال إن قريبه نُقل إلى معسكر تدريبي لدى القاعدة في جزيرة العرب، وشاهد هناك مقاتلين ينتمون إلى لواء يسيطر عليه القائد السلفي القوي أبو العباس، والذي كان يذهب بعد ذلك لمحاربة الحوثيين مع التحالف في تعز.
وقال: "كان هناك أيضًا أشخاص يتدربون في هذا المخيم لتعزيز القتال ضد الحوثيين في عدن".
وتضيف: "في بداية الحرب، استخدم التحالف جميع الأشخاص الذين يعارضون الحوثيين، ولا سيما خصومهم الأيديولوجيين الأكثر تشدداً وهم السلفيون، لكن المشكلة هي أنه في اليمن لا يمكنك التفريق بين المقاتلين السلفيين وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية".
وتقول الإمارات إن عدد هجمات القاعدة في اليمن قد انخفض بنسبة تزيد على 93 في المئة في السنوات الثلاث الماضية، وإن حوالي 1000 من مقاتلي القاعدة في شبه الجزيرة العربية قتلوا منذ عام 2015 ، بما في ذلك معظم قادة المجموعة المطلوبين.
وتعلق الصحيفة على ذلك بالقول "من المستحيل التحقق من ذلك بشكل مستقل، لكن المجموعة التي كانت في يوم من الأيام صاخبة ظلت هادئة، انخفض عدد الهجمات المبلغ عنها".
وتواصل: وفي هذه الأثناء صمم الإماراتيون على مواصلة تقليص أثر القاعدة في شبه الجزيرة العربية في اليمن بقوتهم التي يبلغ قوامها 30000 جندي يمني، وبعد أن مشطوا مؤخراً كامل محافظة شبوة الجنوبية، حيث ينحدر الكثير من قادة القاعدة في شبه الجزيرة العربية، قالوا إن وادي حضرموت ومأرب سيكونان على قائمة الأهداف.
وقال أحد الضباط من قاعدة مدججة بالسلاح في المكلا "نعرف أن العديد من قادة القاعدة يتحصنون في ملاذات آمنة في مأرب، ونحن واثقون من أننا سنتعامل معهم بفعالية".