[ الحرب في اليمن ]
قبل سنوات، كانت اليمن شريكا نموذجيا للولايات المتحدة في المعركة ضد المتشددين الإسلاميين، أما اليوم، فقد أصبح البلد غارقا في أتون حرب أهلية وهدفا لحملة قصف من قبل تحالف من الدول العربية بقيادة المملكة العربية السعودية و مدعوم من الولايات المتحدة.
إن الرحلة بين هذه النقاط هي قصة بلد مزقته الانقسامات الداخلية ومصالح الأطراف الخارجية، ما جعل عدم الاستقرار في اليمن جاذبا بشكل خاص للجهاديين وأسهم في تعقيد الجهد المبذول لاحتوائه.
الوضع
في عامها الرابع، وصلت الحرب الأهلية إلى طريق مسدود، حيث لا يزال المتمردون الذين طردوا حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بهم دولياً يسيطرون على العاصمة صنعاء وأجزاء أخرى من شمال اليمن، ونجح التحالف الذي تقوده السعودية الذي أعاد هادي في الحد من الأراضي الخاضعة لسيطرة المتمردين الحوثيين.
وفي هذا العام افتتحت جبهة جديدة، عندما استولى الانفصاليون الجنوبيون على الكثير من مدينة عدن الساحلية، المقر الحالي لحكومة هادي (الذي يعيش في المنفى في المملكة العربية السعودية)، وقد أعلنت الأمم المتحدة أن نتائج الحرب خلفت أكبر كارثة إنسانية في العالم، وقد وثقت جماعات حقوق الإنسان حالات متكررة من تفجيرات التحالف لأهداف مدنية، بما في ذلك المدارس والمستشفيات، وتشير التقديرات إلى أن ما لا يقل عن 10,000 شخص قد قتلوا أو جرحوا في القتال في اليمن، ويوجد حوالي مليوني شخص، من أصل 28 مليون نسمة، نزحوا عن ديارهم، وما يقرب من مليون شخص أصيبوا بالكوليرا.
قامت الأمم المتحدة بدعوة التحالف الذي تقوده السعودية إلى رفع الحصار المفروض على موانئ اليمن المطلة على البحر الأحمر والتي أثارت خطر انتشار المجاعة وتشير التقديرات إلى أن ما يقدر بنحو 1.8 مليون طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد، وأن 400,000 طفل يعانون من نقص حاد في التغذية لدرجة أنهم عرضه لخطر الموت الطبيعي بمقدار عشرة أضعاف، في البلد الذي يعد افقر بلد في الشرق الأوسط.
الخلفية
تعود جذور الصراع إلى شكاوى المتمردين الحوثيين من تهميش مجتمعهم، من أتباع الأسرة الحوثية البارزة، والحوثيون هم جماعة من أتباع المذهب الزيدي الذي ينتمي إليه 42 بالمئة من سكان اليمن (النسبة غير دقيقة - المحرر).
وفي عام 1904م، أقامت الإمبراطوريتان العثمانية والبريطانية حدوداً تفصل مناطق نفوذهما في شمال اليمن وجنوبه، على التوالي، وحصل الشمال على استقلاله عام 1918م مع أئمة زيديين، واستمر حكم الأئمة حتى قيام ثورة 1962م المؤيدة للنظام الجمهوري.
بعد ذلك أصبح جنوب اليمن دولة في عام 1967م، وتوحدت البلاد في عام 1990م، ثم خاض الحوثيون تمردات غير ناجحة من عام 2004م حتى عام 2010م، إلى أن أجبرت ثورة الربيع العربي ديكتاتور البلاد القديم، علي عبد الله صالح، على التنحي في عام 2012م بعد عقدين من الزمان في السلطة، بموجب اتفاق انتقال مدعوم من الولايات المتحدة والسعودية، واستبداله بهادي، ومهدت المحادثات التي تدعمها الأمم المتحدة الطريق لعقد مؤتمر دستوري وانتخابات جديدة، لكن الحوثيين رفضوا المخرجات التي نشأت عن تلك المناقشات.
لم يكن لليمن تقاليد طائفية شيعية أو سنية، لكن القوى الخارجية اختارت دعم الجانبين على هذا المنوال، حيث تدعم المملكة العربية السعودية ذات الأغلبية السنية الرئيس الهادي، ودافعت إيران، وهي ذات الغالبية الشيعية، عن الحوثيين وساعدتهم.
اليمن ليس منتجًا رئيسيًا للنفط ولكن موقعه في باب المندب، الذي يعد ممرا في مجال النقل البحري الدولي، يجعله مهمًا في تجارة الطاقة العالمية.
الحُجة
يقول التحالف الذي تقوده السعودية في الأصل إن تدخله يهدف إلى إجبار الحوثيين على العودة إلى المناقشات السياسية التي تخلوا عنها في وقت سابق، كما يبرر السعوديون العمل العسكري كرد على عدوان إيران، الذي يصورونه على أنه سيد الحوثيين.
ويرى المراقبون أن موضوع تلقي الحوثيين مساعدات من إيران أمر مبالغ فيه، كما أنهم لايؤيدونهم في ذلك، فإذا كان الهدف من التدخل العربي هو جلب الاستقرار لليمن على المدى الطويل، فإنه أحدث تأثيرا عكسيا على المدى القصير.
حيث صعدت الولايات المتحدة من عملياتها العسكرية في اليمن رداً على التوسعات التي قامت بها القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وهي فرع من تنظيم القاعدة الإرهابي، وتنظيم الدولة الإسلامية "داعش".
ويقول المسؤولون إن حملة القصف المكثفة في اليمن عطلت العمليات الجهادية هناك، في حين أشاروا أيضًا إلى استمرار المتطرفين في استغلال الفوضى والتهديد.
*نشرت في المادة في صحيفة "واشنطن بوست" ويمكن العودة لها على الرابط هنا.
*ترجمة خاصة بـ "الموقع بوست".