تفرش مدينة باريس مساء اليوم السبت، البساط الأحمر أمام نجوم ريال مدريد وليفربول لأجل خوض مباراة الدور النهائي لمسابقة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم على ملعب "ستاد دو فرانس" في ضاحية سان دوني، شمال العاصمة الفرنسية.
ففيما يسدل مهرجان كان السينمائي مساء اليوم الستار على نسخته 75، يسدل دوري الأبطال أيضا الستار على موسم مليء بالمفاجآت والتقلبات ليتم تحديد هوية الفائز بأعرق المنافسات القارية ومن دون أي شك حسم السباق نحو جائزة الكرة الذهبية.
كل العوامل والمكونات، سواء البشرية أو المادية أو الرياضية، جاهزة لأن تكون هذه المواجهة مسك ختام لمناسبة جعلتها الحرب الروسية على أوكرانيا، التي بدأت في 24 فبراير/شباط، تنتقل من سان بطرسبورغ حيث كانت مقررة إلى باريس وجهتها النهائية. ولعب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الكواليس دورا محوريا في قرار الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بقيادة السلوفيني أليكسندر شيفرين اختيار مدينة الأضواء مسرحا للمبارزة المثيرة بين اثنين من عمالقة كرة القدم العالمية.
مواجهة ثأرية بين "النادي الملكي" و"الريدز"
وقد بدأت ملامح الإثارة في شوارع باريس تظهر منذ الجمعة مع وصول أول المشجعين الإنكليز والإسبان إذ توقعت السلطات توافد نحو 60 ألفا من أنصار "الرديز" (أي الحمر، نسبة لزي نادي ليفربول) و40 ألفا من "السوسيوس" (مشجعو ريال مدريد)، وغالبيتهم لم يحصلوا على تذاكر لحضور المباراة، علما أن كلا من الخصمين حصلا على 22 ألف تذكرة.
وجهزت سلطات باريس ساحة كبيرة في حي فانسين (شرق) ليكون معسكرا لمشجعي ليفربول حتى الأحد، فيما سيحتشد مناصرو "النادي الملكي" في موقع تابع للحرس الجمهوري الفرنسي قرب ملعب "استاد دور فرانس".
فالمواجهة ستكون إذا بين فريقين عريقين، عملاقين قاريين وعالميين، يتنافسان في الدور النهائي للمرة الثالثة في تاريخ البطولة. كانت الأولى في عام 1981 على ملعب "بارك دي برانس" في باريس حسمها لفريق الإنكليزي لصالحه بنتيجة 1-صفر، والثانية في 2018 بالعاصمة الأوكرانية كييف انتهت بفوز ريال مدريد 3-1.
منافسة على اللقب.. ومسابقة على الأرقام
ستكون المناسبة مواتية لنادي العاصمة الإسبانية من أجل تأكيد بسط سيطرته القارية إذ إن الفوز سيرفع عدد ألقابه في المسابقة إلى 14 أي ما يعادل عدد ألقاب جميع الأندية الإنكليزية. بالمقابل، يسعى ليفربول إلى التتويج بـ"الكأس ذات الأذنيين الكبيرتين" للمرة السابعة وسيعادل ساعتها نادي ميلان الإيطالي الذي رفع الكأس لآخر مرة عام 2007 أمام ليفربول وبقيادة كارلو أنشيلوتي المدرب الحالي لريال مدريد!
وبلغ "النادي الملكي" الدور النهائي بعد مواجهات درامية شهدت تقلبات خرافية، من ثمن النهائي إلى نصف النهائي. ففي دور الـ16، كان الفريق قاب قوسين أو أدنى من الخروج المبكر بعد تخلفه 2-صفر أمام باريس سان جرمان (بين مباراتي الذهاب والإياب) لكن ثوران قائده كريم بنزيمة سمح له من قلب التخلف والفوز 3-2. وفي دور الثمانية، فاز النادي الإسباني 3-1 ذهابا قبل أن ينهار إيابا صفر-3 لكن البرازيلي رودريغو سجل هدف الأمل في الدقيقة 80 ليوقع بنزيمة هدف الفوز في وقت التمديد. وفعلها الريال مجددا في دور الأربعة عندما تغلب على مانشستر سيتي في وقت التمديد بعدما بدا أمره محسوما حتى الدقائق الأخيرة من مواجهة الإياب، لكن تألق رودريغو وبنزيمة أنقذه من الغرق.
من جانبه، شق ليفربول طريقه للنهائي بشيء من السهولة، عدا في ربع النهائي عندما اقترب من خوض وقت التمديد أمام أتلتيكو مدريد على أرضه.
منازلة بين مدربين بارزين
وبالتالي، ستكون المنازلة بين فريقن بارزين، وكذلك بين مدربين موهوبين، الإيطالي كارلو أنشيلوتي من جهة والألماني يورغن كلوب من جهة أخرى. يعتبر أنشيلوتي ضمن أكبر المدربين العالميين وضمن سبع رجال فازوا بدوري أبطال أوروبا كلاعب وكمدرب إلى جانب الإسباني ميغيل مونيوز والإيطالي جيوفاني تراباتوني والهولندي يوهان كرويف ومواطنه فرانك رايكارد والإسباني بيب غوارديولا والفرنسي زين الدين زيدان.
وكان مهندس اللقب العاشر "الديسيما" لريال مدريد في 2014 أمام غريمه أتلتيكو في لشبونة (4-1)، وقد تمكن من قيادة الفريق إلى الفوز بلقب الدوري الإسباني بعد عودته إلى صفوف النادي قبل عام قادما من إيفرتون.
أما كلوب، فقد أعاد ليفربول إلى سكة الانتصارات والتتويجات، وجعل منه فريقا يثير الرعب في قلب منافسيه. فمنذ وصوله إلى رأس جهازه الفني في 2015، قاد المدرب الألماني فريق "الريدز" إلى لقب بطل دوري أبطال أوروبا في 2019 للمرة الأولى بعد أربعة عشر عاما ثم إلى لقب الدوري المحلي في 2020 لأول مرة منذ ثلاثين عاما.
واضح على ضوء هذه المعطيات أن فوز أنشيلوتي أو كلوب هذا المساء في النهائي سيعزز موقعه في تاريخ ريال مدريد أو ليفربول، وفي تاريخ كرة القدم الأوروبية أيضا.
مناظرة بين لاعبين خرافيين
لقد أعلنها محمد صلاح صراحة في الأيام الأخيرة: ستكون المواجهة أمام ريال مدريد ثأرية بالنسبة لقائد المنتخب المصري إذ إنه لم ينس خسارة فريقه في نهائي 2018 بكييف وخروجه قبل نهاية الشوط الأول متأثرا بإصابة في الكتف بعد ترضه لتدخل قوي من المدافع سيرخيو راموس. وقال صلاح قبيل إياب نصف النهائي بين "النادي الملكي" ومانشستر سيتي إنه يفضل مواجهة الفريق الإسباني لأجل الثأر من نكسة 2018.
وستكون المواجهة بين العملاقين الأوروبيين مناسبة لمناظرة فردية بين النجم المصري والأسطورة الفرنسي كريم بنزيمة. يتطلع الأول للفوز باللقب القاري للمرة الثانية بعد 2019، فيما الثاني للفوز بلقبه الخامس في ثمانية أعوام، ليضيفه إلى أربعة ألقاب في الدوري الإسباني ولقبين في الكأس الإسبانية وأربعة في كأس العالم للأندية وثلاثة في الكأس السوبر الأوروبية. وسجل بنزيمة 49 هدفا في 59 مباراة خاضها بجميع المنافسات، مقابل 33 هدفا لصلاح في 52 مباراة. وفي حال فاز ريال مدريد على ليفربول مساء السبت في باريس، سيضمن بنزيمة إلى حد كبير الفوز بالكرة الذهبية لأول مرة في مسيرته أمام صلاح وزميله في "الريدز" السنغالي ساديو مانيه. أما في حال أحرز المهاجم الفرنسي الدولي هدفا في النهائي، فيصبح ثاني أفضل هداف في تاريخ "النادي الملكي" بعد كريستيانو رونالدو.