[ صلاح ونور محمدوف.. "فخر العرب" و"فخر الإسلام" ورحلة البحث عن "منقذ" ]
إحباط سياسي يليه فشل في السياسات الاجتماعية والاقتصادية في العالمين العربي والإسلامي، دفع الناس للبحث عن أي بطل أو شخصية ناجحة يرون فيها ضوءا في آخر النفق الذي يعيشون فيه، حتى لو كان هذا الضوء في المجال الرياضي.
فبعد الهوس والعشق والمحبة الجارفة للنجم المصري محمد صلاح هداف ليفربول، ظهر رياضي جديد على "ساحة الكفاح والنجاح" هو المقاتل الداغستاني المسلم حبيب نور محمدوف، بطل العالم في الوزن الخفيف للفنون القتالية المختلطة (يو أف سي).
وإذا كان عشق صلاح مبررا خاصة أننا نتحدث عن نجم مصري شاب دمث خلوق متدين مثابر، يمارس اللعبة الشعبية الأولى في العالم، ويساعد الفقراء والمحتاجين، جاء من قرية بعيدة عن القاهرة ولم تغيره الشهرة.
فضلا عن أنه يلعب لأحد أكثر النوادي شهرة في أوروبا والعالم، وقدم فيه أداء مميزا وفاز بجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي الممتاز، وهدافه للموسمين الماضيين؛ أي أنه "بطل في كرة القدم بكل ما للكلمة من معنى".
وفي ظل ما يحصل في مصر والعالم والعربي من انسداد أفق السياسة والبطالة والفقر والحروب، فإن حالة التعلق بالبطل الناجح المكافح والرمز، جعلت حلم مئة مليون مصري وأكثر من مليار عربي أن يكون أبناؤهم كصلاح يبدو منطقيا.
ولكن لماذا يصبح رياضي داغستاني لم يسمع معظم العرب والمسلمين عن بلاده ولا يعلمون شيئا عن قوانين الرياضة التي يمارسها، نجما مشهورا يتابع أخباره المسلمون والعرب؟
بداية هذا الشاب الثلاثيني كانت مع الفيديوهات التي انتشرت على مواقع التواصل عندما كان طفلا وهو يقاتل دبا صغيرا مقيدا أهداه له والده، ثم رفضه لشرب الخمر في المؤتمر الصحفي قبل النزال الذي جمعه مع الملاكم الإيرلندي كونور ماكغريغور.
واكتملت قصة "الأيقونة والبطل" في النزال الذي تفوق فيه نور محمدوف في أكتوبر/كانون الثاني 2018، والهرج والمرج اللذين حصلا بعد نهاية النزال، وكيف ثار نور محمدوف على عضو في فريق ماكغريغور شتم دينه ووالده وبلاده، فقفز فوق الحلبة وهاجمه، وتعرض بعدها لعقوبة إيقاف طويلة لم يعد بعدها للحلبة إلا أمس، في النزال الذي فاز فيه على الأميركي داستن بوارييه.
هذه الفيديوهات والأنباء والحديث عن دفاعه عن دينه وشرفه، حولت نور محمدوف إلى نجم مسلم عالمي يتابعه نحو عشرين مليونا على مواقع التواصل، ويجني مئات آلاف الدولارات من الفعاليات التي يشارك فيها في العالمين العربي والإسلامي.
والمتصفح لحسابه الرسمي على "إنستغرام" يرى أنه ينشر آيات من المصحف الشريف باللغتين العربية والروسية، وتهاني بالأعياد وصورا من رحلاته للعمرة والحج وزيارته للقدس المحتلة، إضافة إلى حضوره الدائم في الدول العربية زائرا أو ضيفا على الفعاليات التي تقام هناك.
وحال نور محمدوف -الذي لم يخسر أي نزال في مسيرته الاحترافية- كحال صلاح، جاء من خلفية فقيرة، ووالده هو مدربه الأول، وجبال داغستان كانت النادي ومكان التدريب، وقد شق طريقه نحو المجد والنجومية والملايين خلال أقل من عام.
وبات والده يتحدث عن الملايين التي يجنيها نجله من هذه اللعبة التي كانت حتى الأمس القريب مغمورة، إذ يقول "عائدات نزال أمس أكثر بثلاثة ملايين ونصف المليون دولار من تلك التي كانت من لقاء ماكغريغور، نحن لا نقاتل من أجل أمور صغيرة، نعرف قيمتنا، مليونا دولار من لقاء ماكغريغور لا تكفي بالنسبة لنا، لأننا الأفضل ولدينا شعبيتنا، ونحن نعرف ذلك".
وكان حبيب قد حصل على مليوني دولار من لقاء ماكغريغور دون حساب أموال الرعاة من الإيرادات والإعلانات والبث.
وخلاصة تجربتي صلاح -الذي رفع ليفربول راتبه السنوي إلى 25 مليون يورو- ونور محمدوف، أن العرب والمسلمين متعطشون وتواقون لأي تجربة ناجحة تعطيهم الأمل بالغد، لأن فقرهم والأزمات التي يمرون بها جعلتهم يتعلقون بحبال "فخر العرب" و"فخر الإسلام".