[ نيويورك تايمز: لا يوجد أمل في أن تمنح الرياضة مصر نهاية سعيدة- جيتي ]
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا لمراسلها ديكلان وولش، يتحدث فيه عن مشاركة المنتخب المصري في نهائيات كأس العالم المقامة حاليا في روسيا.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن مشجع مصري في القاهرة، قوله بعد خسارة المنتخب المصري أمام روسيا: "ظننا أن الله مع مصر.. لكن لا".
ويعلق وولش قائلا: "على ما يبدو أن المصريين لا يحققون تقدما، فبلدهم يعيش أياما صعبا، حيث ارتفعت أسعار المياه والكهرباء والوقود بدرجة عالية في الأسابيع الماضية، والرقابة مشددة، وهناك الآلاف من المعتقلين السياسيين في السجن".
وتشير الصحيفة إلى أن الخبراء يحذرون من أن مصر تنحدر في ظل عبد الفتاح السيسي من الحكم الديكتاتوري إلى النظام الديكتاتوري الذي لا يتسامح حتى مع المعارضة الصغيرة.
ويلفت التقرير إلى أن رياضة كرة القدم، وهي اللعبة المحبوبة بين المصريين، تتعرض للسيطرة والتحكم، ويتم لعب المباريات في ملاعب فارغة؛ بسبب الحظر على التجمعات الذي تم فرضه في الملاعب عام 2012، الذي جاء بسبب الخوف من قيام المعارضة بتحريض التجمعات الكبيرة واستخدامها ضد النظام.
ويقول الكاتب إن مباريات كأس العالم جاءت ومعها انفجرت سحابة من الفرح الوطني، حيث إن الفريق الوطني المصري، الذي يعرف أيضا بالفراعنة، يتأهل لأول مرة منذ عام 28 عاما، وهذه المرة حصل على اللاعب محمد صلاح، صانع الأهداف الذي انتشرت سمعته عالميا خلال العام الماضي.
وتذكر الصحيفة أن صلاح هو ساحر كرة القدم، وتبدو الكرة ملتصقة بقدمه اليسرى وهو يناور بين المدافعين قبل هزه شباك الكرة، وهو لاعب ضمن فريق ليفربول، حيث سجل 44 هدفا في أداء ملتهب رفعه لمقام نجوم الكرة، مثل كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي، مستدركة بأنه في مباريات كأس العالم هذه لا يمثل فريقه لكنه يمثل بلده مصر.
وبحسب التقرير، فإن القاهرة كلها انفجرت بالفرح في تشرين الأول/ أكتوبر، عندما سجل صلاح الهدف في الدقيقة الأخيرة ضد منتخب الكونغو، الذي وضع مصر في مباريات كأس العالم، حيث عثر المصريون، الذين يعيشون الخوف والانقسامات وسفك الدماء منذ الربيع العربي عام 2011، على بطلهم الذي لا ينازع.
ويورد وولش نقلا عن طالب الثانوية البالغ من العمر 16 عاما معتز بدر، قوله إن "صلاح هو الملك"، وقال وهو يغادر مقهى في منطقة العجوزة في القاهرة: "ملك ليفربول وملك إنجلترا ومصر".
وتقول الصحيفة إنه لا يوجد أمل في أن تمنح الرياضة مصر نهاية سعيدة، والتأهل للجولة الثانية في مباريات كأس العالم، فقد تحطمت الآمال هذا الأسبوع، إلا أن قلة من المصريين فقدوا الأمل بساحرهم صلاح، ففي بلد تعد فيها الآمال هشة، فإن الكثيرين يرونه قوة أخلاقية ورياضية لا تظهر إلا مرة واحدة في جيل، وبأنه سفير للبلد والدين، فقصص تبرعاته وتواضعه أصبحت جزءا من الأسطورة، فتبرع ببذخ للمدارس وسيارات الإسعاف في نجريج، وهي البلدة الصغيرة الواقعة في دلتا النيل، وفي الوقت ذاته فإنه يتجنب الاتصال المباشر مع رجال الأعمال المعروفين.
وينوه التقرير إلى أن صلاح مسلم ملتزم، أدت طقوسه الدينية بعد كل هدف إلى تحطيم الحواجز الثقافية بين المشجعين في بريطانيا، حيث يقول أحد الهتافات: "لو سجل هدفا آخر سأصبح مسلما"، مشيرا إلى أنه رمز موحد للعرب أيضا، فعندما قال صلاح على "فيسبوك" إنه يرتدي حذاءه الرياضي نيابة عن 100 مليون مصري، فإن المشجعين في أنحاء الشرق الأوسط كله دعوه لتمثيلهم، وكتب أحدهم: "الملك أبو صلاح أضف 20 مليون سوري"، وقال آخر: "أضف 50 مليون عراقي".
ويعلق الكاتب قائلا إن "شعبية كهذه خطيرة في بلد كمصر، فبعد انتخاب السيسي مرة ثانية في نيسان/ أبريل، في انتخابات أثير الكثير بشأن مصداقيتها، حيث قام 1.7 مليون ناخب بتعطيل أصواتهم، وكتبوا على الأوراق اسم صلاح، وفي هذا الشهر أقر قانون يهدد أي شخص له متابعون على (تويتر) أكثر من 5 آلاف شخص بالمحاكمة إن قام بنشر أخبار مزيفة، ولدى صلاح 6.4 مليون معجب، وتم إسكات راقصات، وحتى دمى، وسجنهن لأنهن تفوهن بالكلام الخطأ".
وتفيد الصحيفة بأنه تم في العام الماضي وضع اسم محمد أبو تريكة، الذي قاد المنتخب الوطني حتى عام 2013، على قائمة الإرهاب؛ بتهمة إقامة صلات مع الإخوان المسلمين، ويعيش الآن في المنفى في قطر، لافتة إلى أن صلاح تجنب في مقابلاته، وبشكل مثابر، الحديث في الشؤون السياسية، وقال إنه لا يشعر بثقل حمل آمال 97 مليون مصري "ليسوا حملا علي لكنهم دافعي".
ويستدرك التقرير بأن الآمال المصرية تحطمت قبل أسابيع من بدء المباريات في روسيا، ففي أثناء المباراة مع فريق ريال مدريد، وبمواجهة مع المدافع سيرجيو راموس، خرج صلاح بإصابة في الكتف، ولم يشارك في مباراة مصر الأولى مع أوروغواي، التي فازت فيها الأخيرة بهدف مقابل لا شيء، منوها إلى أنه عندما شارك في مباراة مصر ضد روسيا فإنه سجل هدفا وحيدا، كان العزاء في مباراة خسرت فيها مصر أمام المنتخب المضيف.
ويقول وولش إن المشاعر كانت حارة بعد المباراة، حيث اندلع قتال في مقهى في مدينة طنطا، عندما بزق أحد الزبائن على شاشة التلفاز، ولعن الفريق الوطني، فيما احترقت رجل سائق سيارة الأجرة "التاكسي" أحمد عبدالله عندما قام صديقه بركل طاولة عليها فناجين شاي، وقال: "لا أهتم، فالهدف هو أكثر ألما من الحرق"، وفي أماكن أخرى بكى المشجعون المصدومون أو مشوا بصمت، وفي بعض المقاهي خرج الزبائن دون دفع ثمن المشروب، ولم يلاحقهم النادل.
وتبين الصحيفة أنه منذ الخسارة، فإن المصريين نفثوا غضبهم وإحباطهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تبادلوا الاتهامات الحادة، ودعوا السيسي للرحيل، مشيرة إلى أن رئيس الشيشان رمضان قاديروف منح محمد صلاح لقب مواطن شرفي.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن الفريق المصري سيلعب يوم الاثنين مباراته الثالثة ضد المنتخب السعودي، وهو أضعف فريق في المونديال، حيث يتوقع أن يسجل صلاح أهدافا، لافتة إلى أنه مع أن ذلك لن يؤدي إلى تأهل المنتخب المصري للجولة الثانية، فإن فوزا على السعودية قد يحفظ ماء وجه مصر، ويرفع معنوياتها.