نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا تحدث فيه عن الممارسات التي ينتهجها النظام المصري ضد نجوم كرة القدم البارزين، على غرار جناح ليفربول محمد صلاح والأسطورة محمد أبو تريكة. ويبدو أن هذه الضغوط لها تأثير كبير على أداء اللاعبين وعلى صورتهم في المجتمع المصري.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن محمد صلاح يحظى بإعجاب مشجعي ليفربول من خلال قيادة الفريق الإنجليزي إلى المحافل الرياضية الهامة، خاصة مع مساهمته في وصول الريدز إلى نهائي دوري أبطال أوروبا، المسابقة الأعرق بالنسبة للأندية الأوروبية. كما أدرج اسم الجناح المصري في القائمة النهائية للمرشحين للفوز بالكرة الذهبية. ومع ذلك، يبدو أن النظام المصري لا يلقي بالا لنجاحات صلاح الرياضية غير المسبوقة، أو لمكانة النجم السابق للمنتخب المصري محمد أبو تريكة.
وأورد الموقع أن أبو تريكة، البالغ من العمر 39 سنة، نال نصيبه من المظالم، حيث أدرجت محكمة جنايات القاهرة اسمه ضمن لائحة تضم الأشخاص المشتبه في انتمائهم إلى تنظيمات إرهابية. ويتهم أبو تريكة بتمويل جماعة الإخوان المسلمين، التي صنفت منظمة إرهابية في مصر منذ سنة 2013.
وأشار الموقع إلى أن القضاء المصري ارتأى تمديد إدراج اسم أبو تريكة على هذه اللائحة لخمس سنوات إضافية، ناهيك عن تجميد جميع أصوله المالية. بالإضافة إلى ذلك، يواجه اللاعب السابق للمنتخب المصري خطر التعرض للاعتقال من قبل السلطات المحلية في حال عودته إلى مصر، علما بأنه يعيش في قطر منذ أكثر من ثلاث سنوات.
وذكر الموقع أن الصحفي المرموق جابرييل ماركوتي أشار إلى أن أبو تريكة "أفضل لاعب لم ينشط في أوروبا وأمريكا الجنوبية في التاريخ". وفي حين يحتفي العالم بإنجازات محمد صلاح مع ليفربول وقدرته التهديفية منقطعة النظير، يعجز صانع أمجاد المنتخب المصري عن العودة إلى مسقط رأسه خوفا من الملاحقة القضائية.
وبين الموقع أن الرسالة أمست واضحة لجميع النجوم والمشاهير المصريين، ومفادها أن كل شخص مناهض للنظام المصري، مهما كانت مكانته أو نفوذه داخل المجتمع، سيلقى ذات المصير من تهويل وترهيب. ومن جهته، يتمسك نظام السيسي بحجة عدم اتخاذ هؤلاء اللاعبين لموقف داعم للنظام، أو انتمائهم للإخوان المسلمين.
وأوضح الموقع أن ممارسات النظام المصري تتضمن رسالة أخرى أكثر إثارة للقلق، تستهدف الشباب وخاصة الشريحة العمرية بين 10 و20 سنة. ويمكن للمتمعن في هذه الرسالة أن يفهم أن الحكومة تريد إخبار شبابها بأن الطريقة الوحيدة لتحقيق الطموحات والمحافظة على عيش كريم تتمثل في مغادرة البلاد.
وتطرق الموقع إلى مدى حب المواطنين المصريين لنجوم كرة القدم، ولعل محمد صلاح وأبو تريكة أبرز من حمل القميص الأحمر لمنتخب الفراعنة على الإطلاق. ويحسب للنجم المتقاعد تحقيقه لجميع الألقاب الفردية والجماعية التي يمكن لأي لاعب في فريق إفريقي تحقيقها، فضلا عن مساهمته في هيمنة النادي الأهلي على البطولات المحلية في الفترة الممتدة بين سنوات 2004 و2011.
بالنسبة للمنتخب الوطني، يعتبر أبو تريكة رمزا غير قابل للمساس لدى المصريين الذين كانوا شاهدين على الدور الحاسم الذي لعبه نجمهم الأول في هيمنة منتخبهم الوطني على كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم. فقد كللت هذه الهيمنة بالفوز بثلاث كؤوس متتالية لسنوات 2006 و2008 و2010. كما تمكن صاحب القميص رقم 22 من التسجيل في مبارتين نهائيتين من أصل ثلاث.
وقال الموقع إن إنجازات أبو تريكة بلغ صداها المحافل الكروية الدولية، ويرجع ذلك بالأساس إلى وفائه منقطع النظير وبقائه مع النادي الأهلي خلال أغلب أطوار مسيرته. لذلك، ساهمت إنجازات النجم المصري في ارتفاع شهرته لدى الأوساط الرياضية الأجنبية. وفي أحد تصريحاته، قال مدربه السابق بيب برادلي: "في كل مكان ذهبنا إليه، كان الناس يخبرونني أنه يجب أن يكون أبو تريكة في التشكيلة الأساسية. إنه مشهور للغاية ويحبه كل عشاق كرة القدم".
وأفاد الموقع بأن حب الجماهير لأبو تريكة أو عشقهم لمحمد صلاح لا يوفر للنجمين أي مناعة من الملاحقة القضائية. وتعود أسباب الخلاف بين أسطورة المنتخب المصري والأجهزة القضائية المصرية إلى مساهمة أبو تريكة في إنشاء مجموعة شركات أصحاب تورز السياحية، التي اشتبه في تمويلها لجماعة الإخوان المسلمين. لكن هذه المزاعم أثارت استغراب كبير المحررين في صحيفة الأهرام المصرية، حاتم ماهر، الذي قال إن شعبية محمد أبو تريكة تتجاوز شعبية الرئيس.
وأشار الموقع إلى مواصلة محمد صلاح السير على درب النجاح، وهو يعتبر في الوقت الحالي أحد أفضل الرياضيين على مستوى العالم. وتزامنا مع مواصلة تسجيل الأهداف رفقة ليفربول والمنتخب المصري، تعلم صلاح من تجربة أبو تريكة المريرة أن الحفاظ على مناخ يسوده التصالح مع النظام المصري أمر بالغ الأهمية من أجل البقاء في منأى عن المشاكل.
وفي الختام، نوه الموقع بأنه من المرجح أن محمد صلاح والشباب المصري تعلموا درسا قيما في خضم تعاملهم مع النظام المصري. ويبدو أن المبدأ الرئيسي لهذا الدرس هو أن كل شخص موهوب يجب أن يوظف مهاراته خارج مصر مادامت الفرصة متاحة أمامه.