قبل عامين في مثل هذه الأيام استيقظ سكان حي شملان بالعاصمة صنعاء على مجزرة ضد جنود الفرقة الأولى مدرع ارتكبتها مليشيات الحوثيين الإمامية بالتواطؤ مع قوات صالح.
كان هؤلاء الجنود يدافعون عن شرف الدولة والجيش والجمهورية.
وكان من يفترض أنهم رفاق سلاحهم في الحرس الجمهوري والقوات الخاصة قد توزعوا بين مجموعات تشارك المليشيات في اسقاط صنعاء وأخرى تتهيأ لتسليم مخازن الجيش ومؤسسات الدولة لمليشيا الإمامة انتقاما من حزب الإصلاح وثوار فبراير 2011، بينما كانوا في الواقع ينتقمون من كل شيء، حتى من أنفسهم، ويسطرون بأيديهم أسوأ صور الخيانات والسقوط.
كان طابور الشبكة الناعمة للامامة والمخدوعين والناقمين على حزب الاصلاح وعيال بيت الاحمر والجنرال علي محسن يتشفى بهذه المشاهد المؤلمة؛ والعجيب انه لا يزال جزء من ذلك الطابور حتى هذه اللحظة يعتبر الفرقة الأولى مليشيات الإصلاح.
ليست مشكلة ان نختلف مع الإصلاح أو عيال الاحمر في قضايا كثيرة. وليس حراما تحميل الإصلاح وعيال الأحمر جزءا من مسؤولية إخفاقات مشروع النضال الوطني من أجل دولة القانون والعدالة والمواطنة المتساوية.
لكن الكارثة أن تستدرجنا رغبة الانتقام إلى حماقات نعرف مسبقا انها ستهدم المعبد على رؤوس الجميع.
اليمن ليست إلا للجميع، بمن فيهم الحوثيون الذين اختبرهم اليمنيون في الشراكة خلال ثورة 2011، ثم مؤتمر الحوار الوطني، لكنهم فشلوا فشلا ذريعا في الاختبار وحملوا على عاتقهم، إلى جانب النكوص عن الثوابت الوطنية، أوزار الإمامة ومورثها العنصري السلالي الانتقامي الكهنوتي ضد المجتمع واوزار الخمينية وصراعها الدموي ضد الهوية الإسلامية العربية وعدوانها على محيط اليمن الإقليمي وجواره الخليجي.
كان أمام الحوثيين فرصة ذهبية للانخراط في المشروع الوطني كقوة سياسية صاعدة، في ظل ترهل القوى السياسية التقليدية، لكنهم آثروا البقاء ككيان سلالي مكبلين بثقافة العنف والكراهية وأوهام الاصطفاء ويستدعون أحقاد الماضي وصراعاته.
ليس السلاح وحده هو مشكلة الحوثيين لكن قبل ذلك، هذا العبء الاجرامي الرهيب الذي حملوه على كاهلهم منذ نشأتهم، إن على صعيد الثقافة أو الممارسة، حين جمعوا بين الموروث الإجرامي الإمامي والمشروع الاجرامي الخميني.
وفي كل مرة مهما حاولوا الهروب من وصمة عار الإمامة سرعان ما يقعوا في براثن الخمينية والارتهان لمشاريع وهويات لا تمت إلى اليمن بصلة.
سقطت الفرقة الأولى مدرع وجامعة الإيمان وقبلهما اللواء 310 في عمران، وقبله مركز دار الحديث السلفي في دماج، وكانت اليمن على موعد مع السقوط الكبير في مستنقع الارتداد عن ثورة 26 سبتمبر، وبالتالي السقوط في براثن النفوذ الايراني، بينما كانت العديد من القوى اليمنية تعيش أزمة ضمير في أحسن أحوالها أو حالة من الغفلة، وكان المزاج الإقليمي للأسف يعاني فوبيا التغيير والربيع العربي والإسلام السياسي.
عامان من سقوط صنعاء رغم المآسي والأحزان كفيلان بمنح اليمنيين وجيرانهم الإقليميين دروسا في غاية الأهمية، يجب استيعابها جيدا من أجل مستقبل مشرق للجميع.