اليمن والسعودية مصير واحد، واليمنيون رأس حربة في معركة الدفاع عن الأمن القومي العربي عموما والسعودي على وجه الخصوص، والانتصار في حرب اليمن ليست مسألة تحتمل الاختلاف في الرأي، لكن المشكلة أن السعودية في العهد الجديد لم تخذل اليمنيين فحسب، وإنما تمارس الخذلان بحق نفسها، فلماذا نتحمل نحن اليمنيين عبء هذا الارتباك والفشل في إدارة دولة ذات ثقل اقتصادي وجيوسياسي كبير كالمملكة السعودية؟
أنفقت السعودية المليارات طوال سنوات الحرب في اليمن وقدمت مختلف أنواع الدعم العسكري والاقتصادي لليمنيين، هذا أمر مفروغ منه، لكنها أيضا "كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا"؛ في كل محطة من محطات الصراع اليمني تبدو أخطاء السعودية حجر عثرة أمام أي تحول استراتيجي في الحرب اليمنية، من شأنه استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب.
حتى إخفاقات الشرعية لا يمكن تبرئة الرياض منها، فقد أغدقت على قيادات الدولة وسلبتهم القرار الوطني، واليوم يستنكف الكثيرون عن العودة للبلاد، بينما يتحمل الشعب اليمني فاتورة غياب مؤسسات الدولة وسيادة القرار الوطني.
تعاني السعودية بشدة من عقدة ثورة فبراير في اليمن، وعندما يحتشد اليمنيون لإنهاء انقلاب الحوثيين، تتحول الرياض فجأة إلى حليف غير مباشر للحوثيين، حتى لا تذهب الانتصارات لمصلحة قوى التغيير في البلاد.
ست سنوات من الحرب احتمل خلالها اليمنيون الكثير من المتاعب؛ بسبب الصورة النمطية السيئة للسعودية دوليا. الأصوات التي حذرت منذ وقت مبكر من مغبة الاستهتار بأرواح المدنيين جراء غارات التحالف، والتي حذرت من الذهاب باتجاه مطامع وحسابات ضيقة؛ تحول أصحابها إلى خصوم لدى الرياض، التي ناصبتهم العداء وصاروا في نظرها أكثر خطرا من الجماعة الحوثية نفسها.
ست سنوات من الارتباك والأخطاء الكارثية في إدارة السياسة الخارجية والداخلية للعربية السعودية؛ ألقت بظلالها على القضية اليمنية وزادت المشكلة تعقيدا.
يستنفر العالم بأسره مصدوما من هول جريمة مقتل الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلده في إسطنبول، فترسل الرياض مجموعة النمر إلى كندا في محاولة للقيام بتصفية معارضين سعوديين آخرين. يقاتل اليمنيون دفاعا عن حدود المملكة، فترسل الرياض قواتها لاحتلال المهرة!!
يبذل اليمنيون أرواحهم في مواجهة مليشيا الحوثي ومن ورائها إيران في مختلف جبهات القتال، فتعهد الرياض بالمناطق المحررة للإمارات تعيث فيها فسادا، فتغتال خيرة العلماء والدعاة في جنوب اليمن؛ ممن وقفوا إلى جانب التحالف في طرد الحوثيين من محافظاتهم، وتقتاد آخرين إلى السجون السرية، وتنشئ كيانات ومليشيات متمردة تقوض الدولة وتنقلب على الحكومة الشرعية!!
هل هذا الارتباك هو سمة السياسة السعودية عموما، أم مجرد صفة لازمة للشخصية التي تجلس على كرسي الحكم في السعودية؟!
وعليه، هل يمكن التعويل على السعودية بوضعها الراهن في إنجاز تحول فعلي في الملف اليمني لصالح الدولة اليمنية ومستقبل المنطقة، أم إن اليمن في طريقه إلى النموذج العراقي، لينتهي المطاف بتطويق بلاد الحرمين شمالا وجنوبا؟
* نقلا عن عربي21