انتهى اداء فريضة الحج للعام الهجري 1437 بنجاح كامل وسلامة تامة تحسب للمملكة العربية السعودية التي تبذل جهودا عظيمة في سبيل انجاح هذه الشعيرة الدينية كل عام.
ومن يزور المشاعر المقدسة يدرك حجم الرعاية والاهتمام السعودي بهذه الفريضة ومناسكها المختلفة من البداية حتى النهاية، والتي تتطور وتتوسع عاما بعد آخر بشكل يتلاءم مع ارتفاع عدد الحجاج سنويا وتذليل كافة الصعوبات امامهم.
وعلى مدى التأريخ ظلت هذه الفريضة هي الاعظم من بين بقية الفرائض، وامتاز بها المسلمون عن بقية الاديان الاخرى.
فهي ليست مجرد مناسك عادية يؤديها الناس فقط، بل مؤتمرا عاما يلتقي فيه المسلمون من كل فج عميق ومن مختلف اصقاع المعمورة، يحملون هما واحدا ويقصدون وجهة واحدة ويقفون امام إله واحد وفي صعيد واحد.
في مجتمع الحج تختفي الهويات والانساب وتتلاشى الاعراق والالوان وتذوب الحدود والجغرافيا، و يشكل الجميع مجتمعا مثاليا يخلو من خطايا المجتمعات التي قدم منها كل اولئك البشر.
لكن ثمة ملاحظات تبدو للوهلة الاولى في هذا المجتمع العظيم.
من تلك الملاحظات تدني الثقافة الدينية لدى السواد الاعظم من الحجاج حول كيفية الحج وطريقة اداءها من البداية حتى النهاية، وهو ما يشكل قلقا لدى الاغلبية منهم، ويجعلهم في موضع القلق والسؤال الدائم للتأكد من سلامة ادائهم لهذه الفريضة.
ورغم تعدد الوسائل التي تقدمها المملكة لضيوف الرحمن عن هذه المناسك الا انها لاتخفي وجود جهل يحمله هؤلاء من البلدان التي قدموا منها، ما يعكس تدني الثقافة الدينية في هذا الجانب كثيرا بسبب القصور الحاصل في المناهج التعليمية وغيرها.
الامر الآخر هو البون الشاسع الذي يشعر به الحجاج وهم يؤدون فريضتهم داخل مكة، وبين مجتمعاتهم التي يعودون إليها بعد اتمامهم للحج.
وهو اختلاف كبير لا يشعر به سوا اولئك الذين ادوا الفريضة، فأنتقلوا من صعيد المشاعر المقدسة بما فيها من روحانية وطمأنينة لينغمسوا من جديد في واقعهم المعتاد المليئ بالعديد من المظاهر والطقوس الشائعة.