ينسب إلى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن الأزمة اليمنية باتت في انتظار الحل، هذا ما يمكن أن يقال من ناحيتين، الأولى سلسلة التوصيفات لما طرحه كيري في لقاء جدة، بعضهم وصفها ب«المبادرة» وبعضهم الآخر ب«الخطة»، وبين هذا وذاك، من وصفوها ب«الأفكار»، وهذا ما رددته جهات أمريكية معنية، أما الثانية فهي أن المبعوث الأممي ولد الشيخ يبدأ اتصالاته بالأطراف اليمنية لبدء دورة جديدة من المشاورات على قاعدة رؤية كيري، بعد أن فشلت المشاورات التي رعاها لقرابة شهرين في الكويت، بسبب رفض الحوثيين وجماعة صالح التوقيع على نتائجها المعروفة بخطة الأمم المتحدة، التي وقعها ممثلو الحكومة الشرعية.
قال كيري إن الهدف من اجتماعات جدة هو «إيجاد طريقة لإيقاف العنف والحرب في اليمن» هذا في شأن الاجتماع، أما في شأن ما طرحه كيري وأثار هذه الموجة من ردود الأفعال، فإن كيري في لحظة جدة لم يقدم لا مبادرة ولا خطة ولا هو قدم أفكاراً متكاملة ورؤية شاملة، والأهم من ذلك لم تكن المشاورات التي جرت برعاية ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، والخطة التي توصل إليها محط إنقاذ أمريكي.
السؤال: هل جاء هذا التدخل الأمريكي، بعد أن استنفدت لدى المجتمع الدولي كافة محاولات إيصال طرفي الصراع إلى أرضية التوافق والوفاق؟ أم أن المجتمع الدولي بات غير قادر على استمرار احتمال ما يجري في اليمن من زهق للأرواح وهدم ودمار؟ أم أن الخطوة الأمريكية جاءت أقرب إلى رد فعل مفتوح على تفسيرات متعددة، وتلتقي عند أن رفض الحوثيين وحلفائهم التوقيع على خطة المبعوث الأممي وضع نهاية فاشلة للمشاورات التي جرت في الكويت، ووفر للأمريكيين فرصة تدخلهم الذي بات ومنذ الآن يجري تحت مظلة مبادرة أو خطة كيري من قبل المبعوث الأممي، الذي عاد من مجلس الأمن إلى المنطقة، كما لو أنه مكلف بهذه المهام.
هنا يمكن التوقف أمام مسائل عدة:
الأولى: إن التحرك الأمريكي لم يأت من فراغ، الأمريكيون لاعبون أساسيون في شأن اليمن منذ عقود مديدة، وكانوا باستمرار يولون أهمية للشأن اليمني، نظراً لأهمية الموقع والمصالح والحيوية في المنطقة.
الثانية: اليمن ليس بلداً وليد الساعة، وأزماته عديدة وأبرزها القضية الجنوبية بطبيعتها المتعددة، وهذا البلد له ارتباطه المصيري إقليمياً، وامتداده وهويته العربية، ولم يعد في عزلة عن عالمنا الدولي والإنساني، وكان إبان الحرب الباردة إحدى الجهات التي مازالت تداعياتها ماثلة.
الإشارة إلى هاتين المسألتين تهدف إلى أمرين، الأول الاعتراف والإقرار بأن للولايات المتحدة اهتمامها ومصالحها في اليمن، والثاني أن اليمن يحتاج إلى مساعدة الأشقاء والأصدقاء في عالمنا بأسره.
مفتاح الحل في هذا البلد يكون بتسمية الأشياء بمسمياتها، ومن ذلك الانقلاب غير المشروع ووضع نهاية موفقة وحاسمة للحروب بالوكالة، والأهم من كل هذا عدم القفز على الأساسيات، لأن محاولة العودة إليها يكون ثمنها باهظاً، والأهم تطبيق المبادرة الخليجية وقرارات الشرعية الدولية ومخرجات الحوار الوطني.
نقلا عن صحيفة الخليج الاماراتية