ما يجري حاليا في اليمن هو أمر داخلي أكثر من أي شيء آخر، وذلك من خلال متاجرة الساسة باستقرار البلاد وأمنها وسيادتها. كشفت الأحداث عدم وجود قيادات ذات مسؤولية وطنية في جميع الأطراف وللأسف إن الأطراف المعنية تريد أن تحقق إنجازا وفق حساباتها ومصالحها حتى لو احترقت اليمن، فالرئيس السابق مصر على الانتقام وكأن اليمن ملك شخصي له ولابنه وأسرته ولذا فإنه يرى أن ذلك حق له واليمن عبيد له وهي سلطة في صك له ولن يقبل بأقل من عودته للسلطة ولذا فهو سيحرق البلاد والعباد على خطى نيرون روما. والحوثيون ومن وراءهم من القيادات الشيعية تريد عودة الإمامة التي اعتبرت أن ما أخذ منها هو مسلوب لأن اليمن أرض لهم والناس خلقوا لهم عبيدًا وأن يعودوا عبيدا هم وما يملكون هي لهم، وهذه ثقافة تربوا عليها منذ جدهم الهادي ويعتقد خطأ بعض الناس أن هؤلاء تشيعوا حديثا ولكن هؤلاء منذ قرون هكذا وقد أحرقوا المدن والقرى وسفكوا الدماء، ولذا فإنهم يريدون تكرار مذابح ومجازر ولكن بدعم إيراني وإسرائيلي وبمباركة غربية لمصالح إستراتيجية.
والأحزاب كل له أجندته الشخصية وقادة القبائل للأسف اليمن أصبحت مصالح وللأسف فإن الشرعية وأغلبهم يعيش في بروج عاجية ولا يعنيهم أمر البلاد والدليل على ذلك أن نجد عناصر وصلت إلى موقع القرار ممن لا خيرة لهم وشباب مراهق ينظر إلى الآخرين بعين الاحتقار والسخرية بل بعين العنصرية التي تثقفوا بها ولذا نجد أن التعيينات والسلطة تقوم على المناطقية التي تضر باليمن والإعلام للأسف يقدم صورة باهتة ومائعة، لأن الإعلام المرئي الذي يشرف عليه يمنيون جزء من اللعبة اليمنية ويحرصون على أن يقدموا القضايا وفق أجندتهم الشخصية وكذلك المواقع وشبكات التواصل حقا إنها كارثة.
والحوثيون ليسوا بسوبر مان ولا عنتر بن شداد ولكن المقاومة ضعيفة لا تجد من يدعمها وكذلك المفاوضات في الكويت جزء من اللعبة وضياع الوقت وإعطاء الشرعية لعصابة. كيف يقبل الناس الحوار مع فئة لا أخلاق لها وأثناء المفاوضات تدمر وتحرق تعز وتهرب الأسلحة والوفد الحكومي أصبح في موقف محير كيف يقبل بالندية مع عصابات؟ فهل إيران مستعدة أن تتفاوض مع خصومها في بلوشستان والأهواز؟ وهل العبادي والمالكي مستعدان للتفاوض مع داعش وإنهاء مهزلة لتطويل الحرب وتدمير البلاد.
ثم إن هناك لعبة الانفصال التي يريد البيض وعلي ناصر وباغوم وغيرهم الوصول لأهدافهم وأطماعهم وخداع الناس بالأموال والشعارات لصرف النظر عن دور إيران وهؤلاء ورقة إيرانية وما جرى أخيرا من تغيير ديمغرافي في المناطق مثلما جرى في العراق وكذلك الوصول إلى تلال وجبال هيفان ومناطقها لتصبح الجنوب تحت سيطرتها والبحر الأحمر وهو ما يجهله الآخرون ويتغاضى عنه المسؤولون. استمرار طول الحرب يخدم مصالح الدول الغربية التي تستثمرها والأمم المتحدة التي تخدم مصالح الدول الكبرى، على العرب والتحالف أن يقرروا الحسم وطول الحرب يضر بالمنطقة وأمنها واستقرارها، ومن الخطأ أن نعتمد على المفاوضات، ومن الخطأ إعطاء هؤلاء فرصة التوسع، ومن الخطأ مناقشة أي قضية قبل تحرير البلاد وطرد إيران، الأمر ليس بالسهل ويجب المشاركة الجماعية ورفض الاقتصار، وأي تشتيت هو إضرار متعمد بالقضية وكذلك يجب أن تستنفر الطاقات والخبرات وعدم السماح باستمرار مهزلة المحللين الإعلاميين وحجب المعلومات لما يجري في ضواحي تعز والبيضاء وتهامة وتوعية الناس بالحقائق.
المرحلة تحتاج تجاوز كل الخلافات والعمل جماعيا وإيقاف من يحاولون أن يتاجروا بالحرب والكارثة لتحقيق مكاسب ومحاكمتهم وإيقاف ممارساتهم.
* عن الشرق القطرية