في مايو/أيار 2017، تم تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن، جنوبي اليمن، من قبل مسؤولين سياسيين وعسكريين وقبليين، تحت قيادة عيدروس الزبيدي، وبدعم مباشر من دولة الإمارات. يطالب المجلس الانتقالي بانفصال جنوب اليمن والعودة إلى الوضع الذي كان قائماً قبل تحقيق الوحدة اليمنية بين الشمال والجنوب في عام 1990.
في خطوة جريئة نحو تحقيق هدفه، أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي في أبريل/نيسان 2020 الحكم الذاتي في المحافظات الجنوبية. ومع ذلك، تراجع المجلس وقبل بتنفيذ اتفاق الرياض بآليته الأخيرة في 26 ديسمبر/كانون الأول الماضي، والذي نص على التنازل عن الإدارة الذاتية، ومناصفة الحكومة بين الشمال والجنوب بمشاركة 24 وزيراً، بالإضافة إلى مشاركة الانتقالي في وفد الحكومة لمشاورات الحل السياسي اليمني.
على الرغم من هذا الاتفاق، لا يزال المجلس الانتقالي يناور ويخالف تعهداته باتفاق الرياض، ويهدد بالانفصال في مناسبات متعددة. يركز الانتقالي جهوده على تشطير اليمن وإعادة الجنوب إلى السلطنات والمشيخات التي كانت قائمة قبل قيام دولة اليمن الديمقراطية الشعبية، وذلك بدعم من الإمارات والسعودية.
لم تقتصر تحركات المجلس الانتقالي على الجانب السياسي فقط، بل شملت أيضاً ممارسات تعسفية ضد أبناء تعز العاملين والبائعين في الشوارع في الجنوب، مما أدى إلى طردهم من المناطق الجنوبية. كما عمل المجلس على تشويه سمعة الشخصيات التعزية التي لعبت دوراً بارزاً في التحرر من الاحتلال البريطاني وبناء دولة اليمن الديمقراطية الشعبية.
توجهات المجلس الانتقالي تقود الجنوب نحو العودة إلى ما قبل التاريخ، حيث يسعى إلى محو اسم اليمن من ذاكرة الأجيال المقبلة. في حين أن الوحدة اليمنية تمثل رمزاً للتحرر والسيادة، فإن مساعي الانتقالي للانفصال تعيد الجنوب إلى فترة التجزئة والضعف، مما يهدد مستقبل اليمن بأسره.
دور الإمارات في استخدام الانتقالي لقمع الشخصيات الوطنية
استخدمت الإمارات المجلس الانتقالي الجنوبي كأداة لقمع الشخصيات السياسية المناضلة والوطنية في اليمن. من خلال دعمها للمجلس، تمكنت الإمارات من تحييد العديد من القادة السياسيين والعسكريين الذين كانوا يمثلون تهديداً لسياساتها ومصالحها في المنطقة. هذه العمليات لم تقتصر فقط على الضغط السياسي، بل شملت أيضاً حملات تصفية ممنهجة استهدفت العديد من الشخصيات الوطنية.
السجون السرية والاعتقالات
أنشأت الإمارات سجوناً سرية ومعتقلات يديرها رجال المجلس الانتقالي، بما في ذلك عيدروس الزبيدي وهاني بن بريك. هذه السجون شهدت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، حيث تعرض المعتقلون للتعذيب وسوء المعاملة. كانت هذه المرافق جزءاً من استراتيجية الإمارات لقمع المعارضة وترهيب الأصوات الحرة، مما يعكس توجهاً واضحاً نحو السيطرة والتحكم في المشهد السياسي اليمني من خلال وسائل غير قانونية وغير إنسانية.
تشويه الشخصيات التعزية ودورها التحرري
عمل المجلس الانتقالي على تشويه سمعة الشخصيات التعزية التي كان لها دور فاعل في التحرر من الاحتلال البريطاني وبناء دولة اليمن الديمقراطية الشعبية. هذه الحملة الممنهجة استهدفت تقويض الروح الوطنية والتضامنية بين مختلف فئات الشعب اليمني، محاولةً إعادة الجنوب إلى فترة من الانقسامات والصراعات الداخلية التي تضعف وحدة اليمن واستقراره.
في النهاية، يبدو أن المجلس الانتقالي الجنوبي يسير في طريق معاكس للتطلعات الوطنية اليمنية، مكرساً جهوده لتقسيم البلاد وتشويه تاريخها النضالي، بدلاً من السعي لتحقيق التنمية والاستقرار لجميع أبناء اليمن. دعم الإمارات للمجلس الانتقالي واستخدامه كأداة لقمع الأصوات الوطنية يمثل خطراً كبيراً على مستقبل اليمن ووحدته الوطنية.