للمرة الثانية يصل رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي رفقة عضوي مجلس القيادة عبدالله العليمي وعثمان مجلي إلى مدينة المكلا شرقي البلاد، غير أن الزيارة هذه المرة مختلفة تماما، وتأتي في إطار الحديث عن تفاهمات حول إعادة تصدير النفط من ميناء المدينة منذ استهداف الميناء من قبل مليشيا الحوثي في الأول من أكتوبر 2022.
من خلال متابعة تصريحات العليمي منذ وصوله إلى مدينة المكلا، نجده يشيد بالدور البطولي والتاريخي للمدينة الساحلية، كأي مسؤول يقدم إلى حضرموت، وهو خطاب يتشابه إلى حد كبير مع خطابه حين زار المدينة في وقت سابق!
قبل الحديث عن الزيارة الأخيرة لرئيس مجلس القيادة إلى المكلا نستذكر وقع الزيارة الأولى وحجم الحفاوة التي حظيت بها زيارته والتي تزامنت مع الإعلان عن إشهار مجلس حضرموت الوطني.
حينها استُقبِل بحفاوة رسمية ومجتمعية وأخذت الزيارة بعداً كبيراً، خصوصا مع خطابه وتأكيده على منح حضرموت حكماً ذاتياً يخرِج المدينة من سياسة التهميش والإلحاق المتبعة منذ سنوات!
خطاب العليمي السابق وعد حضرموت بحقها المستحق، حتى أن البعض اعتبر ذلك تدشينا لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، المنعقد في صنعاء في مرحلة ما قبل الحرب، غير أن ذلك الخطاب ظل مجرد خطاب سياسي، دون أن يترجم إلى واقع يلمسه أهالي المحافظة التي دخلت بعده بأزمات متعددة وتضاعفت معاناة الناس فيها أكثر من ذي قبل، وتدهورت الخدمات وفي مقدمتها الكهرباء التي وصلت ساعات انقطاعها إلى 9 ساعات يوميا.
فضلا عن غياب بقية الخدمات وإضراب المعلمين وما نتج عن عنه من شلل للعملية التعليمية في مدارس المدينة، دون وضع حلول من قبل الحكومة أو السلطة المحلية، ناهيك عن الخلافات التي نشبت بين المحافظ بن ماضي وقيادة الحكومة الشرعية في عدن بعد رفض الأول تزويد محطات العاصمة عدن بالوقود.
كل هذه الإشكاليات ولدت غضبا شعبيا وكشفت عن فجوة كبيرة بين قيادة الحكومة والسلطة المحلية بحضرموت، دون أن يكون للرئاسة دور في حسم بعض الأمور الخلافية أو تحديد طبيعة العلاقة بين حضرموت وعدن.
اليوم وبعد مرور عام على زيارة الرئيس إلى حضرموت يعود مجددا، يحمل نفس الخطاب، غير أن الهدف من الزيارة مختلف هذه المرة، خصوصا بعد الحديث عن إعادة تصدير النفط من ميناء الضبة والتوصل إلى تفاهمات مع المليشيات الحوثية بعد تراجع الحكومة عن قرارات البنك المركزي ودعوة المبعوث الأممي لحوار اقتصادي ووعود الرياض بدفع مرتبات الموظفين لعام كامل.
وبعيداً عن الهدف الخفي للزيارة ودلالات التوقيت نبقى عند ردة فعل المجتمع المحلي ومكوناته التي عارضت زيارة العليمي واعتبرتها زيارة غير مرغوب فيها، كما تحدث بيان مؤتمر حضرموت الجامع وهي الحدث الأبرز ونقطة التحول الجوهرية.
الكل شاهد المواطنين وهم يصطفون على جنبات الطريق ويهتفون بشعارات غير مرحبة بزيارة العليمي والوفد المرفق له بعد ان فرش له السجاد الأحمر وساد نوع من الأرتياح لدى المواطنين في زيارته الأولى.!
المدينة التي ابتهجت في الرابع والعشرين من يونيو 2023 بقدومك إليها ترفض اليوم وجودك فيها وتعده أمرا غير مرغوب فيه..!
خلاصة القول: الناس يمكن أن تصبر وتعطي مهلة للمسؤول كي يثبت فيها صدقه، لكنها وبلا شك لن تصبر على (زبد الوعود يداف في عسل الكلام) ولا على الفشل المتكرر ..!
ماذا سيقول العليمي لأهل حضرموت اليوم وقد وعدهم خلال زيارته السابقة بحكم ذاتي..؟.. وقبل هذا كله: هل يدرك الرئيس معنى أن يخسر التأييد الشعبي في محافظة بحجم حضرموت؟!
حضرموت التي ظلت بمنأى عن كل الصراعات وفتحت أبوابها لكل اليمنيين، تحتاج للاهتمام والتقدير، وليست بحاجة للخطابات والزيارات المفرغة!
يكفي تجاهل لمطالب أهالي المحافظة النفطية الكبرى في البلاد، أعد لها الاعتبار واصنع منها نموذجاً، ما دون ذلك ستظل ضيفاً ثقيلاً وغير مرحب بك...!
*من صفحة الكاتب على فيسبوك