من الواضح أن الصراع الإماراتي- السعودي سيتصاعد مستقبلاً، وسيأخذ أعواماً.
أحد أهم الخاسرين من هذا الصراع هو مشروع الانفصال في اليمن.
تعرض الزبيدي، مؤخراً، لتأنيب قاسي من الأمير خالد بن سلمان. مرتبكاً قال الزبيدي إنه ذهب إلى حضرموت لملء الفراغ الأمني حتى لا يستغله الإرهاب. أجابه بن سلمان: كان عليك أن تبلغ سفيرنا بمخاوفك وهو سيتصرف!
وضعت الإمارات يدها على عدن وما حولها، وتريد السعودية أن تبقي حضرموت، وما حولها، بعيداً عنها. الجنوب سيأخذ شكل جنوبين أو ثلاثة في الأعوام القادمة. قد يطول زمن هذا التشظي إذا ما تعقدت الأجواء الدولية. أمران يبدو من الصعب تخيلهما حاليا: جمهورية يمنية واحدة كما يتخيلها معمر الإرياني. وجنوب عربي موحد ومستقل كما يتخيله عيدروس الزبيدي.
آل البيت، شمالاً، في ورطة من أمرهم، فمن دون حضوموت،عدن، مأرب، تعز، شبوة، وسواها سينحشرون في 20% من الأرض، يتعين عليهم رعاية 80% من السكان. لا يبدو أن لديهم حلولاً اقتصادية طويلة المدى، ما سيجعل الغزو أحد الخيارات أمامهم. كلما مرّ الوقت صارت إمكانية تنفيذ غزو ناجح، في أي اتجاه، أمراً مستحيلاً. كل الجهات عرفت طريق السلاح، وامتلكت مأرب مؤخراً الطيران المسيّر. ومع الاتفاق السعودي- التركي الأحدث فإن المسيرات ستعرف طربقها إلى الأجواء اليمنية، سيكسر الاحتكار الهاشمي لهذا السلاح.
في الوقت نفسه يراكم آل البيت مستويات غير مسبوقة من السخط والاستياء لدى رعاياهم، ولا يمكن التنبؤ بمآلات كل ذلك. ربما يستفيدون من التجربة السورية ويستوردون أجهزة إنتاج الكبتاغون، وعبر الحدود السعودية سيضخون ملايين الأقراص (2022: صادرت السعودية 100 مليون حبّة كبتاغون قادمة من سوريا).
بالنسبة للأقاليم الأربعة (تعز، مأرب، شرق اليمن، جنوب اليمن) فمن الممكن تشكيل منظومة حكم فيدرالية قادرة على إدارة حياة الناس واستعادة شكل ما للدولة. غير أن هذا الشكل (الممكن) يصطدم بالطموحات الساذجة للانفصاليين، وبالأماني الاستعمارية للإمارات.
هذه الفيدرالية، للأقاليم الأربعة، يمكن دمجها في صيغة حكم عليا كونفيدرالية مع نظام الإمامة في صنعاء (دولة واحدة بنظامين). تلك أمنية جميلة تصادم الحقيقة، فالإمامة منظومة حكم فاشية لا تعترف بالديموقراطية ولا حتى بالمجتمع، وتقدم نفسها بوصفها صيفة فوق - قانونية.
الحقيقة أن التشظي اليمني الراهن يتعمق كل يوم، وأن حقيقة أن البلاد قد تفتّت إلى دويلات لا ينكرها إلا المقامرون. وكما جرى في غير مكان فإن بعض تلك الدويلات ستحظى بفرص جيدة، وأخرى ستدركها التعاسة. وعلى كل حال، هناك دائماً فرصة ما، أو نصف فرصة.