وتستمر الرياض في التخبط ومحاولة صناعة وإنتاج الحل في اليمن، بعد تسع سنوات من الحرب، التي تفقد اليوم مبررات انطلاقها.
اليوم فراغ هادي لم يملأه أحد، وبإزاحته جرى هدم الدولة اليمنية وأسسها وما تقوم عليه من مبادرات وقرارات دولية، ومبررات الحرب والتدخل في البلد.
عام من مجلس القيادة الرئاسي، الذي جرى تسويقه باعتباره مدخلا للتوافق والسلام، وفي نهاية العام المحصلة صفرية، فلا توافق نجح، ولا سلام تحقق.
والقادم في مؤشراته يبدو أكثر قتامة، وأكثر مضيا نحو مزيد من التدهور والسوادية، مهما جرى تجميله بالمساحيق الزائفة، وتصويره كحل، وتقديمه كمخرج.
دائما نردد ونقول إن الحل ليس في إملاءات خارجية، ولكن بتوافق يمني، ودوافع وإيمان من الأطراف المحلية كلها، للخروج من هذا المأزق، وتقديم التنازلات.
فالحرب لم تصنع الحل في اليمن، بل فاقمت الوضع، وأنتجت واقع جديد أكثر ألما، والتوافقات المتناقضة الغير مدروسة والمسلوقة بدء من اتفاق الرياض مع الانتقالي ثم المشاورات التي تمخض عنها مجلس القيادة هي أيضا لم تفلح في الانتصار العسكري مع الجانب الآخر، ولا في إحلال الوئام بين أطرافها.
كانت مرحلة هادي بكل محطاتها أكثر وضوحا في مسار الهدف والعمليات بالنسبة للشرعية والتحالف، فهناك انقلاب يواجه، ومعركة واضحة، ولكن ما بعده صارت أكثر خطورة، إذ أصبحت المرحلة ضبابية، وغير مستندة لأي جدران، أو تقوم على أي أعمدة للبناء عليها، فقط باتت كل الأطراف مرتهنة بيد الخارج التي يشكلها كيفماء يشاء وتخضع لأي إملاءات وتوجيهات، ولا تستطيع حتى إبداء رأيها وموقفها.
اليوم يجري الحديث عن جمع الرياض لدائرة أوسع من الشخصيات والأطراف اليمنية، والغاية ذاتها، محاولة الخروج من اليمن، بانتصار مزخرف، ولاتزال تلك الجهود تنصب على من يواليها، ولعل ذلك عبارة عن تجهيزات لما قبل الدخول في توافق كلي مع جماعة صنعاء.
يأتي هذا كله بعد كسر الرياض لكل ثوابتها خلال الفترة الماضية، فمن الموقف الحازم تجاه إيران إلى الليونة معها، ومن خانة النبذ لسوريا إلى الهرولة نحوها، ومن الانتصار للشرعية اليمنية إلى النيل منها.
صحيح أن السياسة لا تعرف الثبات، والمصالح مُقدمة على ما سواها، ولكنه في هذه الحالة يمثل انتكاسة حقيقية لدولة لديها من الإمكانيات التي تصنع التحولات، لكنها تسيء استخدامها، ويؤدي تدخلها في أي ملف إلى تراجع، أو إلى نصف حل على أقل تقدير.
لم يعد الوضع في اليمن يحتمل حلولا ترقيعية، وأي محاولات لسلق طبخات سريعة سيكون ضررها أكثر ألما على المدى البعيد، لذلك نعم للسلام، ولكن ذلك السلام الذي يُسكت البندقية، وتصنعه الأيدي اليمنية، انتصارا لبلدها قبل أي شيء آخر.