حين تأكد لتحالف الشر الانقلابي أن الاستمرار في المواجهات العسكرية يتجه بلا أدنى شك لهزيمة ساحقة ومهينة لمشروعهم التخريبي، وجدوا في المشاورات فرصة لإنقاذ مشروعهم، والحصول بواسطتها بالإضافة للرخاوة الأممية، على مالم يستطيعوا الحصول عليه عسكريا ، فهم يدركون جيدا أن الأمم المتحدة أعجز من أن تفرض تنفيذ قراراتها ، وأن المجتمع الدولي يرى أن مصلحته ليست في حلول دائمة وعادلة، وإنما في حلول ترقيعية وتوفيقية لا تلبث أن تتحول إلى أزمات دائمة ومزمنة.
لقد تحولت معركة تحالف الشر وخاصة شقه الكهنوتي المتمثل في جماعة الحوثي، إلى معركة شرسة في المفاوضات، يتمسك فيها بالوصول إلى إقرار محاصصة تحقق له تواجدا في الترتيبات القادمة، تتجاوز كليا حجمه السياسي والمجتمعي، وتشرعن وجوده كلاعب قليل الحجم سياسيا ومجتمعيا، ولا يمتلك قدرة على التأثير، في ظل أوضاع طبيعية وممارسات ديمقراطية خالصة.
لم تكن فكرة المحاصصة غائبة عن تكتيكات وأهداف الجماعة الإمامية، بل أكاد أجزم أنها الخطة باء في مسيرة خروجها من كهف الكهنوت وحتى إسقاطها للدولة ، وذلك مايفسر حرصها على تشكيل حكومة شراكة ، والوصول إلى صيغة توافقية تشرعن لمحاصصة سياسية ترعاها الأمم المتحدة، تكفل لها التواجد الدائم والتأثير المباشر، بما يحافظ على مصالحها التي اكتسبتها بالقوة العسكرية لا بالممارسات المدنية.
إن أي حل سياسي يدخل اليمن في تجربة محاصصة مشئومة، تكافئ ميليشيا الكهنوت الحوثي لن تكون مقبولة على الإطلاق، وستؤسس لحلقات عنف قادمة ، فالمحاصصة ليست أكثر من مخدر موضعي لا يعالج الجرح بل يفاقم خطره وأخطاره ، والحل الوحيد المقبول هو إنهاء للانقلاب بكل أشكاله وتأثيراته، ومانتج عنه والعودة إلى تنفيذ أمين لمخرجات الحوار الوطني، بدءا بالدستور وحل عادل للقضية الجنوبية بما يرضاه الجنوبيون، والانتهاء بانتخابات حرة ونزيهة تضع كل فريق سياسي في حجمه الحقيقي في عملية سياسية حقيقية.