الذهاب وراء الأمنيات والتمنيات شيءٌ.. والتعاطي مع الواقع ومعطياته شيءٌ آخر..
حالة التمني بوحدة الصف شعور يتمناه الجميع لكن واقع الفعل والأفعال نقيض تلك الأحلام والتمنيات..
ذات الصور القادمة من الرياض والتي تغزو الفيس وتويتر تعكس صورة للمستقبل الكارثي وتتوافق مع تركيبة المجلس.
على الأقل خمسة من أعضاء المجلس يتعاملون كرؤساء وأصحاب قرار يستندون في ذلك إلى قوة مسلحة تسيطر على أجزاء من الجغرافيا اليمنية.
عدم وجود رؤية واضحة ومشروع سياسي مشترك لأعضاء المجلس والقوى السياسية التي دعمت هذا المجلس يجعلني أجزم أن حدود الصراع القادم داخل المجلس هي تقاسم ما تبقى من شكل الشرعية أو بمعنى أصح تقاسم تركة الرئيس هادي ونائبه محسن. وأن ممكنات الاختلاف أكثر من التوافق سيما وأن مايفرق أكثر ممايجمع، وأن غياب المشروع الوطني الواحد الموحد وتحديد الصلاحيات والاختصاصات والشعور بالقوة استناداً إلى مكونات الواقع الجوغراعسكرية يجعل مهام المجلس معقدة وصعبة للغاية مالم يكن هناك شعور عميق بالولاء الوطني ينبني على رؤى واضحة المعالم.
صحيح أن القراءة الأولى في الظاهر ومن حيث المنطق تُعطي مؤشراً أن هذا المجلس يُمثل توجهاً لتوحيد الصف بدأ بوحدة القرار ووحدة الجيش والتشكيلات المسلحة التابعة لأعضاء المجلس القيادي الرئاسي بما يمثل أكبر تهديد لوجود الحوثي، هذا ماهو ظاهر وقد يكون إلى حدٍ ما عاملا مهماً للانتقال إلى المحك العملي وهذا لن يتم إلا من خلال مشروع وطني سياسي تسير على هداه جميع الأطراف بضمير صادق ونوايا حسنة وغاية مثلى، ينطبق هذا على الجميع وفي مقدمتهم دول التحالف السعودية والإمارات.
فهل نتوقع من عيدروس التخلي عن مشروع الانفصال والسيطرة على كامل المحافظات الجنوبية لصالح استعادة الدولة اليمنية والعمل بروح وطنية خالصة تُعير معنىً لما هو مهم وتعبر عن تطلعات كل اليمنيين في استعادة الدولة.
في اعتقادي أن ذلك ممكن وقابل للتحقق إن أرادت دول التحالف ذلك، و إذا سلّم الجميع بأحقية الجنوب في تقرير مصيره ولكن في ظروف وزمان مختلف ليس فيه مايعرقل، ولعل المشروع الحوثي أكبر عائق في تحقيق مايسعى إليه إخوتنا في الجنوب. على ذات المنوال .
وفي ذات السياق أيضاً هل يمكن لطارق صالح التخلي عن مشروع الانتقام من خصوم فبراير وإعادة العائلة إلى سدة الحكم ولو بشكل مؤقت؟!! حتى يتم القضاء على المشروع الإيراني المتمثل في مليشيات الحوثي، باعتباره مشروعاً يهدد الجميع بما يمثله من خطر وجودي.
لعل في الأمر صعوبة إلا إذا مُنح طارق من الضمانات ما يكفل له ولعائلة صالح الشراكة الفاعلة في إدارة الدولة .
وفي هذا السياق يبدو أن طارق الذي بات يرى نفسه الوريث الشرعي لتركة الفريق علي محسن شمالا، يتطلع اليوم إلى توسيع نفوذه من موقعه الجديد في المجلس الرئاسي ليمتد إلى مأرب وسيئون، فطالما حَلُم طارق أن يكون الوريث لنفوذ محسن منذ ما قبل حروب صعدة.
والذهاب إلى طموحات أعضاء آخرين يرتكزون على قوة السلاح داخل المجلس يجعلنا نتساءل عن طبيعة تمثيل قوات العمالقة من خلال القائد أبوزرعة..
والخلاصة أننا أمام مفترق طرق وسؤال وجودي (تكون اليمن أو لاتكون؟).. لعل قادم الأيام تكشف عن الفضاء الذي يسير عليه هذا المجلس الذي نتطلع من خلاله إلى وطن مكتمل.. وأن المهمة أمام رئيس المجلس القيادي الرئاسي أصعب مما يتصور والنجاح فيها معجزة تُدخله التاريخ من أوسع أبوابه.