بينما وجد اليمنيون في توصيف المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ للمحادثات اليمنية بأنها «إيجابية وتحقق تقدماً» أملاً في الخروج من الحالة الكارثية التي يعيشونها ، فاجأ ولد الشيخ الجميع بإعلانه أمام مجلس الأمن أن «المشاورات معقدة وستستغرق وقتاً أطول».
وعلى هذا انفجرت موجة التسريبات والتوقعات ومن ذلك أن الجلسات التشاورية سترفع في شهر رمضان وأن المبعوث الأممي سيعيد لقاءاته بطرفي التشاور كل على حدة وقد هيأ الأمر لذلك.
ما هو جدير بالإشارة أن هذه التداعيات جاءت بعد أن كان الأمين العام للأمم المتحدة قد شارك في اللقاء الثلاثي الذي جمعه بالرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وأمير قطر في محاولة نجحت بضمانات قطرية ودولية في عودة وفد الحكومة إلى المفاوضات على أن تمضي المشاورات بخطوات حثيثة لتواجه القضايا بأولوياتها التي كان الاتفاق بشأنها قاد إلى إطلاق هذه العملية في العاصمة الكويتية.
ما الذي استجد في تلك الساعات الأخيرة؟ لا شيء ولكنها لعبة الأمم المتحدة القديمة الجديدة في اليمن وهذه جرت وتجري ب«أشواط» عديدة.
في هذا الشأن كان لافتاً توافق إعلان ولد الشيخ أن المشاورات اليمنية في الكويت «معقدة» مع إعلان عبد السلام ولد أحمد المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة أن: الوضع في اليمن لا يقل صعوبة عن الوضع في سوريا حيث إنه من أصل 26 مليون نسمة لا يحصل 14.4 مليون نسمة على ما يكفي من الطعام وقال: «الوضع في اليمن مأساوي للغاية».
حسناً ما الذي عملته هذه المنظمة تجاه مأساة اليمنيين؟
هي واجهت المصاعب والتحديات ووصلت إلى بعض المناطق والمدن اليمنية، وأثارت ضجة كبيرة عن عملها في تقديم مساعدات غذائية، لكن الحقيقة أن ما جرى وبخاصة في محافظة عدن كان إهانة للناس، أسقطت كشوفات المساعدات ما يقرب من ثلث مساكن وسكان وحدات سكنية جراء اعتماد عمل الإغاثة على العشوائية التي تفرخ كل المساوئ وتحول الإغاثة إلى غنيمة.
هنا يربط بعض المتابعين بين الأزمات بأضرارها ومخاطرها ومأساويتها وأن تتحول إلى موسم خصب لمشروعات الاستفادة تحت مظلة الإغاثة، بعد أن كانت الصومال تحتل المرتبة المتقدمة لأصحاب هذه المشروعات.
ما هو جدير بالإشارة تنويه أو تأكيد ولد الشيخ بأن المشاورات اليمنية «معقدة وتحتاج لفترة طويلة».
الطرح هكذا يعيد إلى الأذهان الحالة التي كان عليها سلفه الأممي جمال بن عمر على أساس أن تبقى مهمته في اليمن دائمة ومستديمة ما يعني أن المهمة التي اضطلع بها كانت تهيئة الأوضاع إلى ما آلت إليه اليمن من سقوط في دوامة الحرب بعناوينها العديدة.
بالطبع إذا كان ابن عمر رعى الأوضاع التي وصلت إلى انطلاق شرارة الحريق فمن المؤكد أن ولد الشيخ لم يبدأ ولو خطوة في اتجاه إخماد هذا الحريق وإن هو لم يصب الزيت عليها.
ويمكن أن يكون للأمم المتحدة دور ومن المحتمل أنها تعمل وتنتظر وصول الأوضاع إلى ما وصلت إليها في ليبيا.
وهنا اللعبة ليست خطيرة وحسب بل مفتوحة على غير اتجاه ويجد فيها غير طرف فرصته وعلى حساب أمن واستقرار هذه المنطقة الحيوية والاستراتيجية. وهنا التساؤل: ألم يكن دور الأمم المتحدة في شأن الأزمة اليمنية مكملاً للمبادرة الخليجية؟ فلماذا إذاً لا يكون هناك موقف عربي لإعادة دفع هذه المرجعية بالنظر إلى أن ما يجري في اليمن وتجاه اليمن يرتبط بالأمن العربي الذي يفترض أن يكون أولوية عربية؟