مبادرة خليجية تنقذ الحوثيين وتحفظ ماء الوجه للتحالف
على بعد سبع سنوات من العبث والدمار الممنهج والقصف المستمر تريد السعودية استضافة حوار يمني يمني (حوثي - شرعية) باسم مجلس التعاون الخليجي.
بهكذا حوار تريد السعودية ان تغسل كل ممارساتها البشعة للسبع السنوات العجاف باتفاق سلام يوقع عليه (القرود اليمنيين)، بل وستتضمن ديباجة الاتفاق الاشادة بها وشكرها على استضافة الحوار بين اليمنيين ودعم السلام في اليمن
مؤتمر الرياض الجديد الذي يروج له مؤخراً يراد له حسب رؤية كثير من المراقبين أن يكون مبادرة خليجية ثانية، ويأتي هذا المؤتمر ضمن خطة جاهزة من قبل الإمارات والسعودية، وبالتفاهم مع الأمريكان والمبعوث الأممي، لا يعرف بتفاصيلها، وما سرب منها يشير إلى الرغبة في هندسة الرئاسة، التي تسمى شرعية زورا، وتقسيم اليمن تحت صيغة الأقاليم، والإشارة إلى الاستفتاء بتقرير المصير في المحافظات الجنوبية، وهذا يعني شرعنه تقسيم اليمن عبر هذا المؤتمر.
يتضمن مؤتمر الرياض المقترح دعوة الحوثيين، والذين رفضوا الحضور كما هو متوقع، وسيرفضون حتما لانهم الطرف المنتصر .. ومخطط لهذا المؤتمر الذي ولد ميتا . وفي هذه الحالة؛ تنص الخطة على أن يتم أخذ موافقة الأطراف التي سيتم دعوتها، عبر الترغيب والترهيب، على الخطة الموضوعة.
والأطراف التي سيتم دعوتها للرياض هي أطراف لا تمثل اليمن وإنما تمثل نفسها من هادي وجماعته إلى حزب الإصلاح وبقية القوى الانفصالية والجهوية، والخلاصة أن الخطة الموضوعة تشبه ما تم في ما يسمى كذبا بمؤتمر الحوار حيث تم وضع النتائج مسبقا وتم الاتيان باشخاص لا يمثلون الشعب اليمني، واتوا من أجل مصالحهم الخاصة.
وكما يقول الباحث اليمني يس التميمي " الهدف تسويغ التوظيف المثابر للأدوات الفاعلة في الميدان لتنصيب شرعية جديدة، بدلا عن الشرعية الفاسدة الحالية وتقيد صلاحيات الرئيس هادي وتطيح بنائبه وتحيد الإصلاح وتَعدُ الحوثيين بحصة سخية.
يضيف الكاتب التميمي : هو تحرك في الفراغ الفسيح الذي تركته الشرعية بفعل النوايا السيئة لرئيسها وتضعضع طموحاته وانفصاله التام عن المشروع الوطني، والانبطاح المقيت لرجال الدولة في الشرعية الذين يحملون المشروع الوطني على كهل متعب ومحاصر ومُزْدَرى من الحلفاء.
ان تم ذلك فإننا سنكون أمام تسوية لا علاقة لها بالحرب ولا تتفق مع التضحيات الغالية التي بذلت على مذبح المشروع الوطني.
السعودية تدفع بأسوأ ما خلفه علي عبد الله صالح من تركة سياسية وعسكرية الى واجهة المشهد متضامنة مع طغمة انفصالية مأجورة، وتضع اليمن مجددا على مشارف مستقبل ملغوم وموعود بالصراعات والانقسامات".
وعلى الرغم من هذا الوضع المحبط إلا أن انعقاد مؤتمر الرياض القادم، قد يحاول الاستفادة من المحاولات الفاشلة السابقة، بتبني مسارات سياسية جديدة ونوعية لوضع حلول عادلة للأزمة اليمنية، تحاول الدفع بجميع الأطراف إلى نقطة التقاء من أجل حقن إراقة المزيد من الدماء ومحاولة إغلاق ملف الحرب بأي صورة من الصور.
يبدو كل شيء مرهونا بالتعاطي الحوثي مع العرض الخليجي، رغم أن كل المؤشرات تقول إن الجماعة لن تقبل الحضور إلى الرياض، وخصوصا أن الدعوة لهكذا لقاء تأتي عبر وسائل الإعلام وليس بشكل رسمي.
ويرى خبراء أن الخطوة التي ينوي مجلس التعاون الخليجي القيام بها أواخر الشهر الجاري لإطلاق مشاورات يمنية، ما تزال "مجرد فكرة حتى الآن"، ومرتبطة بموافقة الحوثيين أو عدمها، إذا صحت التحركات والمعلومات المسربة.
وفي هذا السياق ايضا يقول قال المحلل السياسي اليمني، عبد الحكيم هلال، إنه "في حال لم يكن هناك تنسيق مسبق بين الخليجيين والحوثيين، أو الخليجيين وأطراف أخرى لها علاقة بالحوثيين، فمن المتوقع أن العملية ستفشل قبل أن تبدأ، إذ إن من غير المرجح أن يوافق الحوثيون على المشاركة".
وأضاف هلال في وحتى في حال نظرنا إلى أن الدعوة-أو الرعاية- باسم مجلس التعاون الخليجي ككل، ما يفتح مجالا لموافقة الحوثيين، إلا أنه من غير المرجح أن يقبلوا بإجراء مثل هذه المشاورات في العاصمة السعودية التي يعتبرونها عدوا رئيسا لهم.
وبعد ان وأدت الثورة اليمنية على زعيم الفساد المقبور صالح وتواطئ دولته العميقة باسقاط صنعاء على يد حليفه الحوثي عدوه السابق خلال ستة حرب عبثية تحوّل اليمن منذ سنوات إلى ساحة حرب بالوكالة بين خصوم إقليميين ودوليين، وكثيراً ما كان التصعيد العسكري فيه مرهوناً بوضعية المفاوضات بين إيران والغرب، أو بينها وبين السعودية.
وحتى الآن، ليس معروفاً ما إذا كان الحوثيون سيقبلون بالجلوس للتفاوض أم لا، وهل سيقبلون بالذهاب إلى الرياض أم أنهم سيفضلون مكاناً أكثر حيادية مثل سلطنة عمان، أو الكويت التي استضافت مفاوضات سابقة.
في الموقف اليمني لما يسمى الشرعية تناقض واضح يتناغم مع مواقف الاقليم من دولتي التحالف اللتان تنكلان باليمن على مدى سبع سنوات.
وهو الامر نفسه مواقف ما يسمى بالمجتمع الدولي الذي ادرج الحوثيين في قائمة الجماعات المدرجة على قائمة العقوبات.
فيرى الاتحاد الأوروبي بأن: الحوثيون شاركوا في هجمات استهدفت المدنيين والبنية التحتية المدنية في اليمن ونفذوا سياسة العنف الجنسي والقمع ضد النساء الناشطات سياسيًا.
كما ان الاتحاد الأوربييرى ايضا بأن الحوثيون انخرطوا في تجنيد الأطفال واستخدامهم وحرضوا على العنف ضد الجماعات بما في ذلك على أساس الدين والجنسية، واستخدام الألغام الأرضية والعبوات الناسفة بشكل عشوائي على الساحل الغربي لليمن.
وانهم ايضا الحوثيون عرقلوا إيصال المساعدات الإنسانية إلى اليمن أو الوصول إلى المساعدات الإنسانية أو توزيعها في اليمن، كما شنوا هجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر باستخدام العبوات الناسفة المحمولة بالماء والألغام البحرية.
وبأن الحوثين ايضا ارتكبوا هجمات إرهابية متكررة عبر الحدود استهدفت المدنيين والبنية التحتية المدنية في السعودية والإمارات وهددوا باستهداف مواقع مدنية عمداً. تصاعُد العمليات القتالية على وقع دعوات لمفاوضات لانهاية لها.
الخلاصة بهذا الصدر ان انتهاء الحرب بصيغتها الحالية لا يعني سلاما وان كان هناك اتفاق سلام هش ليؤكد حرب تلد أخرى .
فإيقاف الحرب بأي ثمن هو لغم لترحيل الصراع ، نهاية هذه الحرب بناء على مسوغات الواقع لا يعني سلام مستدام بل فتح ابواب جهنم على اليمنيين .. اليوم على الأقل لدينا مرجعيات بغض النظر عن تقاعس جهة ما وغداً لن يحكمنا ضابط ولا يردعنا وثيقة وسيهى بيئة لدول الطوائف المتناحرة وتشرذم وتفكيك المقسم .
وبداهة سيكون الباب مفتوحاً على مصراعيه لأسوأ الاحتمالات لانزلاق اليمن للمجهول على غرار النموذج السوري والعراقي ، لأنه بهكذا ” حلول” سيتم حل مشكلة الانقلابيين وليس تداعياته لتخلق بالتالي بذور صراع أبدي لا محالة
* كاتب يمني وسفير في الخارجية