قناة الحدث السعودية تحذف المقابلة التي أجرتها مع عيدروس الزبيدي من حسابها في يوتيوب.
ليست المرة الأولى التي تسيء فيها وسائل إعلام سعودية لشخصيات تعمل معها في الشرعية ثم تحذف المحتوى لاحقا، وهناك العديد من الشواهد والأمثلة على إساءات لوسائل سعودية أو ناشطين نالوا من الأحمر وغيره، ثم جرى حجب تلك الإساءات.
الحذف بالتأكيد يشير إلى الاعتراف بفداحة الفعل واستدراكه، لكنه لن يغطي على أفعال وسلوك هؤلاء المتكرر والمتنكر لتضحيات من يعملون معهم، فهذا فعل يبعث على التوجس، وعدم الاطمئنان لنواياها هؤلاء، وتجنب الثقة بهم تماما، وعدم التعويل عليهم.
إنهم يطلقون سفهائهم من وقت لآخر ثم يعتذرون، والزجاجة بعد الكسر لا يمكن إصلاحها وفق حديث القائل: إن الزجاجة كسرها لا يشعب، واللبيب من اتعظ في المرة الأولى، واتخذ منها درسا ومنبها.
لن تنصرك دولة أخرى مهما أخلصت لها، سبق لعبدالناصر سجن أعضاء الحكومة اليمنية وهو من جاء لدعمها عقب ثورة سبتمبر 1962م.
اليوم نحن أمام معضلة حقيقية تتعلق بمدى افتقاد الثقة بين الأطراف اليمنية المنضوية ضمن تحالف السعودية والإمارات، وبين الطرف الآخر ممثلا بجماعة الحوثي، الذي استطاع أن يبدو بشكل متماسك رغم ما يتعرض له من حصار وحرب وتضييق.
لا مصلحة لأحد في هذه التراشقات - بعيدا عن مدى صحتها - ولكن الأمر برمته يؤكد حجم الهوة بين الأطراف الموالية للرياض، ومدى فشل السعودية والإمارات بخلق جبهة موحدة، بل ومستوى الضعف والتفكك الذي تعانيه الشرعية.
الواضح أن الإمارات لم تغفر لمحسن وصوله لمنصب نائب الرئيس، وهو المنصب الذي كان بيد خالد بحاح أحد المحسوبين عليها، ومنذ تلك اللحظة جيشت نفسها ومالها في سبيل النيل من اليمن برمته، فشكلت المليشيا، وانتقمت من الشرعية، وتحولت إلى طرف نقيض، واليوم تجني ثمار ما زرعت بهذه التقيؤات التي تنال من محسن وغيره.
ولكن الأمر هذه المرة اختلف، فالكلام الذي يردده إعلام الانتقالي والإماراتي عن محسن منذ فترة طويلة وجد طريقه لأهم قناة سعودية وخاضعة للاستخبارات السعودية، ولا ينشر شيء فيها ما لم يمر عبر الاستخبارات، خاصة وأن اللقاء لم يكن مباشرا، بل مسجلا، بما يعني أنه خضع للمراجعة، وهناك من أجاز نشره وبثه.
الحقيقة اليوم أن الرياض بحاجة ماسة لترميم التصدعات والتشوهات التي تسببت بها، جراء مثل هذه المواقف، وأفقدتها ثقة اليمنيين شعبا ونخبة، فبعد أيام على إطلاق الرياض ما يسمى بعملية اليمن السعيد لتحرير اليمن، وبعد يوم واحد من تصريح نائب وزير الدفاع السعودي حول دخول اليمن لمجلس التعاون الخليجي واعتبار الحوثي العائق الوحيد تظهر قناة الحدث بهذه التصريحات المستفزة لزعيم مليشيا الانتقالي عيدروس الزبيدي لتنال من شخصية طالما كان لها الدور الأكبر في خدمة الرياض ومعركتها العسكرية باليمن، وهناك العديد من الشواهد التي تدركها الرياض تماما.
ذلك أمر محير بالفعل، كيف لمن يخوض هذه المعركة باليمن أن يسمح بالإساءة لأحد القيادات التي تعمل معه، وتتواجد في أراضيه، هل السعودية بهذه الدرجة من الغباء، أم أن هناك عدة تيارات تتصارع داخلها، أم هناك تبادل للأدوار، أم ماذا؟
أما بالنسبة لمحسن فهو أكبر من مثل هذه الادعاءات ومحاولات التزييف، فقد واجه الحوثيين في ستة حروب متتالية، منذ كان مهاجميه لايزالون نكرات وجماجم فارغة، وكان هدفا للحوثيين منذ ما قبل دخولهم صنعاء حتى سقوطها وحتى اليوم، وتعرض لمثل هذه الاتهامات وغيرها طوال فترة حياته.
أما حكاية القاعدة فليس هناك أنصع من أن السعودية كانت البيضة التي فقست هذا التنظيم، وولد من رحمها وأراضيها وفكرها وتفكيرها، ومسألة حصره بالجنوب فلم يكن هدفا مقصودا، إذ أن التنظيم تواجد وامتد في أكثر من مدينة في شمال وشرق وجنوب وغرب اليمن.
هذا ليس دفاعا عن الأحمر، فهو وحده القادر على الدفاع عن نفسه، ولكن الأمر يتعلق بمدى المغالطات التي تجري أمام أعيننا، ولازلنا شهود على كثير منها، وعلى المكافأة التي يحصل عليها الأحمر وهو الذي قدم كل هذا، ولم يشفع له كلما فعله، وعلى الخيانة وعدم الثقة بالسعودية والإمارات وهن يتخلين عن شخصيات وأطراف لم يكونوا أبدا في عداء معها، وعن الأدوات الرخيصة التي ترضى لنفسها هذا الدور ممثلا بعيدروس وغيره، بل عن وطن يضيع ويتمزق، ويصبح هذا حال أبنائه اليوم.