يتوقع الكثيرون من محللين سياسيين ومراقبين وأغلب الرأي العام بأن الأسابيع القادمة التي تفصلنا عن ذكرى عاصفة العجز وتلج الحرب العبثية عامها الثامن أن هذا العام سيكون منعطف مهم وغالبا للأسوأ.
جملة تطورات في الثلاث سنوات الأخيرة وبعد اتفاق ستوكهولم الذي حيد معركة الحديدة وبعد تثبيت الانقلاب المستنسخ في عدن بدعم التحالف ليتجذر الانقلاب الأساسي وبعد منع الانتقالي طائرة هادي من الهبوط في عدن وقصف الجيش الوطني الى جانب عشرات الحوادث فيما سمى بالنيران الصديقة وانسحاب ميلشيا طارق صالح من الحديدة لتكون لقمة سائغة لميلشيا الحوثي مقابل انسحاب الاخير من شبوه بسلاله.
بعد ما يقارب سبع سنوات حرب أكثر من سبع سنوات من تنامي الظاهرة الحوثية بعد إسقاط صنعاء أصبح الحل السلمي اليوم شبه مستحيل لعدة اعتبارات لدى كل الأطراف.
توازن الفشل لدى الأطراف وتوازن "القوة" ليس في مصلحة اليمن لأنه يطيل أمد الصراع ، ما يستطيع الحوثيين اليوم عمله هو فقط اطالة أمد المعاناة وزيادة حقد الشعب وكره اليمنيين لهم، وبالمقابل غدا من المؤكد بأن رحيلهم لن يمر بسهولة ولكن سيتبعه تشريعات تجريم الحوثية ولن يفلتوا من العقاب.
السؤال المحير لكل غيور وملايين اليمنيين .. لماذا الشرعية تتعامل مع شعبها بهذا الأسلوب الفج وعدم اللا مبالاة والإصرار على تناقص صلاحياتها وسيادة اليمن، وبما أن دولتي التحالف تنكل باليمن للعام السادس وتمنع الشرعية من العودة لما يسمى بالأراضي المحررة وهي أكثر من ثلثي اليمن .. وبالمقابل تمنع الجيش الوطني من تحرير صنعاء، وكذلك لم تحسم قضية الحديدة واتفاق ستوكهولم ونفس الأمر لاتفاق الرياض.
اينما توجهت شرعية الخذلان لا تأتي بخير .. سؤال كبير هنا يطرح نفسه إذا كانت الشرعية تعتبر التحالف قدرا مكتوب على اليمنيين وتحديدا الإمارات.
فلماذا لا تتصرف دبلوماسيا بإصدار بيان وقرار إخراج الإمارات من التحالف ومتابعته من خلال الأمم المتحدة وقطع العلاقات تماما حتى لا يبقى ذريعة للعبث بمصير اليمن سابقا ولاحقا، ولماذا لا تتصرف كما فعلت مع قطر بجرة قلم فبين عشية وضحاها غدت قطر دولة عدوه وأخرجت بسلاسة، وهذا يدل على أن السعودية هي من قررت على خلفية خلافاتها مع الامارات تجاه قطر، وقد أوعز لهادي بإصدار قرار إخراجها.
هل فكر أحد بهذه الجزئية .. إلى متى تظل الشرعية تشكو ميلشيا الحوثي والانقلاب المستنسخ في عدن؟
نحن أمام فرضيتين مؤكدتين هما ضعف هادي "ونائبه، وحكومته ورئيس البرلمان" وثلاثتهم فرضوا فرضا من دولتي التحالف وكلهم خارج اليمن ولاءهم للأقليم بحكم الفترة الطويلة خارج اليمن.
وليس فقط مرتهنين، فهم يستمتعون بحالة الارتهان، فلو كانت عندهم ذرة من الوطنية لعادوا إلى ما يسمى بالمناطق المحررة التي أصبحت مرتعا للتحالف.
وكذلك بقية الأحزاب التي تماهت مع تآمر الإقليم ومن ضمنها قيادة الإصلاح وليس قواعده والذين يشرعنوا هادي وفي نفس الوقت يبقون ذريعة للاقليم والانتقالي بأنها حكومة الاخوانج، فهم بهذا أي الاصلاح يشرعن لفساد وارتهان وعمالة هادي وشرعية هادي بدورها تشرعن حرب التحالف في اليمن.
الرئيس الألعوبة يريد يحظى بمزايا رئيس جمهورية ولو ضعيف وملعون ومكروه ويسوغ ويبرر للتحالف وكأنه يشرعن هذه الحرب العبثية التي بلا افق ضد بلاده.
وقفة تأمل ومحاسبة الضمير لأن ما هو ممكن اليوم قد يكون صعبا غدا وما هو صعب اليوم قد يكون مستحيلاً غداً.
كلا من الرئيس السابق الذي تفرغ في الفترة الانتقالية لإفسادها وبين خلفه الايدي الامينة إن كلاهما يعشقان السلطة لكن كل منهما له طريقته فالأول بكارزما ودهاء وفطنه له أسلوبه المعروف بالفساد الناعم، في حين خلفه انبهر ايضا بالسلطة ولكن بغباء وبلاده ، فبئس الكرسي الذليل.
لا يحس مسؤولين الشرعية وهم على الارائك متكئون فراش وثير واجواء باردة وما لذ وطاب ورغد العيش .. فهذا لا يمكن السكوت .. وفي الاخير يقوي شوكة الانقلابين في صنعاء وعدن فهما بلا شعبية ولا قوة ، وجبروتهم من ضعف الطرف الآخر.
وبداهة فالشرعية كشعار فضفاض لا يكفي لخلق صورة إيجابية عن محاسن الشرعية المفترضة فهي لا تؤمن خائف ولا تطعم جائع ولا تكسي عاري بل إنها وعلى النحو الذي سارت طيلة الحرب قوِةّ من شوكة الطرف الآخر ، والشرعية على هذا النحو ليس مرحباً بها بأي حال من الأحوال إلا من قبل الانتهازيين والوصوليين .
حيرة القوى اليمنية المرتهنة والعميلة ومن ورائها التحالف بجناحيه السعودية والامارات هي البحث عن مخرج سياسي في تسوية شاملة تخرج التحالف من مأزق ومستنقع الحرب في اليمن متوازيا مع حلول ومخرج قانوني في قيادة الدولة الصف الاول الرئيس ونائبة والحكومة والبرلمان ودور هذه المؤسسات الدستورية في سيناريو الحلول المفترضة.
وفق كل هذه المسوغات تساؤل كبير يفرض نفسه .. شرعية هادي الى اين واستمراره غدا محصورا فقط في خدمة أجنده إقليمية ولمصلحة للتحالف و لتجذِر انقلاب صنعاء وعدن.
*كاتب يمني وسفير في الخارجي.