تواصل مليشيا الحوثي قضم ما تبقى من جغرافيا واقعة تحت سيطرة قوات الحكومة الشرعية، وقد حققت هذا الأسبوع اختراقا خطيرا بسيطرتها على مناطق في محافظة شبوة بعد سيطرتها الكاملة على مديريات محافظة البيضاء.
ومثل كل مرة، أثارت هذه التطورات والسقوط الدراماتيكي للقوات الحكومية، تساؤلات قلقة ومخاوف من مواصلة المليشيا التقدم تجاه مأرب، وبقية مديريات محافظة شبوة، بما في ذلك منابع النفط.
ربما الشخص الوحيد الذي لم تثر أسئلته ولا قلقه هذه التطورات هو الرئيس عبد ربه منصور هادي.
وتعبيرا عن السخرية، نشر البعض له هذه الصورة التي يبدو فيها مبتسما عقب تلقيه نبأ سيطرة قوات المليشيا على مناطق في محافظة شبوة.
مع أن الصورة مضللة، وغير حقيقية، لكنها معبّرة عن حالة الرئيس الذي استطاب العيش في فنادق الرياض، فيما بلده يتعرض للتقسيم والتفتيت.
في كل سقطة، يستعيد اليمنيون تاريخ التآمر والتواطؤ الذي نفذه هادي ووزير دفاعه، وكانا مقطورة الخيانة المدنسة لعبور المليشيا البلدات والمناطق اليمنية، اعتبارا من أول محطة في صعدة.
لم يفعل الرئيس عبد ربه منصور هادي شيئاً ليستذكره التاريخ في صفحاته الطيبة، حتى القرارات الجمهورية والرئاسية، التي كان يصدرها، عدت حبرا على ورق، وكان بعضها كارثيا وتعزيزا لتطبيع أوضاع مختلة.
أسوأ ما في تواطؤ هادي، أو خيانته بمعنى أصح، أنها تأتي بدون أي ضغينة شخصية أو نقمة محددة تجاه طرف ما في المعادلة اليمنية، مقارنة مع سلفه صالح.
بدا الأخير ناقما على مكوّنات كثيرة، وشعب ثار ضد حكمه الممتد لأكثر من 33 عاماً. غير أن هادي حظي بالتفاف شعبي غير مسبوق، كما دعمته غالبية المكوّنات السياسية، ومراكز القوى المجتمعية.
كان مراقبون قد وضعوا محددات ومستويات للتواطؤ، أعلاها التأكيد على أنها لن تتجاوز تخوم العاصمة صنعاء لتأديب مراكز قوى يرى أنها تمثل خطرا مستقبليا على كرسيّه. لكنه تجاوز كل التوقّعات. لا تزال الطعنات تواجه الجغرافيا اليمنية، فيما هو يستلذ الإقامة في الرياض بعد أن سلّم قراره كليا للتحالف السعودي - الإماراتي.
من السيئ أنه لا يزال يعيش في أوساطنا من يعتقد بقدرته على اجتراح حلول للخراب المبذور.
في أوقات سابقة، جرى الحديث عن إقامة جبرية فرضت عليه. وكم شعر "المبرراتيون" بالحرج بعد كل زيارة خارجية، وهو يعود مطواعا إلى مقر إقامته في الرياض.
الحقيقة لم يترك فرصة واحدة لتبييض صفحته. وتبدو قيادته أعظم كارثة حلّت باليمنيين. لا يشعر بذرة خجل من الجحيم الذي بذره وتعهّده من المهد.
يستشعر اليمنيون مرارة القهر عند النظر إلى صورة هادي مع كل انتكاسة يواجهها المشروع الوطني.
ثمة حالة إجماع الآن على أن استعادة هذه المشروع لن تتم في ظل القيادة الحالية. على اليمنيين التماس طريقا آخر بعيدا عن القيادة الحالية وسياسة التحالف التي غدرت بأحلامهم، واستنزفت ثرواتهم، كما أحالت بلادهم إلى خراب وجحيم لا يطاق.
ورغم ما قدّمه الرئيس من خدمات للتحالف، يبدو أنه استنفد طاقته المبذولة بسذاجة بالغة لديهم، ولم يعد ذا قيمة كبيرة وسط أحاديث عن ترتيبات لتجاوزه.
سيذهب يوما مشيّعا بلعنات اليمنيين بعد أن أهداهم بلدا خرابا، وحياة قاسية في ظل أسوأ أزمة إنسانية في العالم.