من المقولات المأثورة للأستاذ احمد النًعمان قوله في سجن مصر عبدالناصر عندما سجن كل الحكومة اليمنية قوله كنا نطالب بحرية القول والان نطالب بحرية البول !
وها نحن بعد عقد من الزمن من خروج زعيم الفساد الشكلي من السلطة وبعد تلك الثورة العظيمة التي صنفت بأهم ثورات الربيع العربي والتي وأدها الإقليم بتواطئ الدولة العميقة هانحن بعد عشر سنوات تلاشت احلام المدينة الفاضلة التي كان يحلم بها شعبنا في النسخة اليمنية للربيع العربي.
قد لا تقوم ثورة أخرى في اليمن لعدة أسباب منها ان الذاكرة الجمعية ستتمحور في عقدة الفشل كما ان الوضع ومسوغات واقع الحال قد تغيرت للاسواء وتداخلت وتشابكت وفرخت الأزمة اليمنية ليصبح مجرد التفكير بأي حلول مفترضة ضرباً من المستحيل، فما كان سهلا بالامس غدا صعبا اليوم وماهو ممكنا اليوم قد يصبح مستحيلا غداً ، وهكذا فبقى الحال من المُحال, غداة الربيع العربي وخلال الحوار الوطني الذي استمر لتسعة أشهر وهي فترة كافية لميلاد جنين كنا نحلم بدولة مدنية ..
اليوم بعد اكثر من ست سنوات من السقوط المدوي لبيضة الإسلام ام المدائن صنعاء على يد حفنة اتت من كهوف الظلام تحمل كل عقد التاريخ والحقد الاسود على الشعب اليمني .. كنا في بدايات الحرب وفي منتصفها نحلم باستعادة الدولة المختطفة على أسنة الرماح ..
اليوم وبعد تأمر الإقليم وغدر التحالف غدى معظم الشعب اليمني ان تنتهي الحرب بأي صورة طبعا والشرعية المرتهنة في اضعف حالاتها وزادت وهنا على وهن بعد شرعنة الانقلاب المستنسخ على الأمد القريب سوف يستقوى الانقلاب الثاني وبين الانقلابين تماهي وتخادم بطريقه او بأخرى.
كنا نحلم بدولة مدنية ثم بإسقاط الانقلاب والان اختزلت الأحلام إلى تحرير القرار اليمني واسترجاع سيادة الدولة اليمنية المفترضة " اي الشرعية التي تشرعن للتحالف استمرار الحرب التي غدت بلا هدف ولا افق".
تتعامل شرعية هادي مع التحالف وكأنه قدر اليمنيين الفارق بين شرعية ليبيا القابعة داخل وطنها وبين شرعيتنا المهاجرة ان الاخير اسير الاقليم وما يسمى بتحرير 80% ليس تحريرا بدليل رئيس الدولة وحكومته وبرلمانه لا يستطيعون منذ خمس سنوات دخول المحرر مجازاً.
لن تقوم لليمن قائمة بهكذا اسلوب لإدارة للدولة ومرحلة الحرب ولن تفلح اليمن بوضعها الحالي إذا استمرت رهينة التحالف والامارات تحديدا وكلاهما وجهان لعملة واحده لكن الأخيرة تناصب الشرعية العداء رسميا وبوضوح ولكن شرعية هادي تتعامل على طريقة الحب من طرف واحد تماما مثل الإصلاح الذي كانت الرياض تعاديه وهو يتملق لها ويتودد في حين يجزم الكثيرون بأن السعودية على استعداد للتعامل مستقبلا مع الحوثي بأي صيغة يتفق عليها على ان تتعامل مع قوى الثورة والديموقراطية والأحزاب التي تناصبها العداء كالإصلاح المرتهن أيضا وقد تحررت بعض قياداته مؤخرا بالهجرة للشمال لتركيا ولكن بعد فوات الاوان .
القيادة المُرتهنة والمرتجفة لا تستعيد دولة ولا تحافظ على سيادة ، ولن تصون كرامة المواطن.
وبداهة فالشرعية كشعار فضفاض لا يكفي لخلق صورة إيجابية عن محاسن الشرعية المفترضة فهي لا تؤمن خائف ولا تطعم جائع ولا تكسي عاري بل إنها وعلى النحو الذي سارت طيلة الحرب قوِةّ من شوكة الطرف الآخر ، والشرعية على هذا النحو ليس مرحباً بها بأي حال من الأحوال إلا من قبل الانتهازيين والوصوليين.
*كاتب يمني وسفير في الخارجية