تحدثت مع أحد السفراء الغربيين عن السياسة الخطيرة لإحدى الدول في اليمن، وقال: يبدو أنهم لا يفهمون اليمن!
وكتب الأستاذ محمد السعدني، أن السادات وهو يودعه في مطار صنعاء، في ستينات القرن الماضي، قال: إبقى خبرني يا محمد لو فهمت حاجة! وكان ملف اليمن بيد السادات في ذلك الوقت!
والحقيقة فإن الأقوال والعبر من هذا النوع كثيرة وقديمة، فالعثمانيون مكثوا في اليمن في المرة الأولى حوالي مائة عام، وخرجوا ولسان حالهم يقول: ما عرفنا شيئاً ولا حققنا شيئاً..!
ووفقا لسيد مصطفى سالم في أطروحته للدكتوراه* فإن الوالي العثماني، محمد باشا قال (قبل أكثر من أربعمائة سنة): "كنت أعتمد على دفاتري وحفظي من أخبار اليمن، وكنت أقول: لا أحد أعرف مني بأحوال اليمن.. اعترف الآن أني دخلت وخرجت من اليمن ولا حققت قدر أنملة"!
ومكث البريطانيون في اليمن مئة وتسعة وثلاثون عاما، وكانت سياستهم تقوم على سلخ الجنوب عن اليمن، لكنهم فشلوا في النهاية، وفشل مشروعهم "الجنوب العربي" وفجر أحرار الجنوب ثورة 14 أكتوبر، في وجه بريطانيا، وقالوا هذه الأرض يمنية! وأقاموا على أنقاض مَشروع بريطانيا؛ جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وظل شعار أحرار الجنوب طيلة 23 سنة؛ عمر تلك الدولة الفتية: لنناضل من أجل تحقيق الوحدة اليمنية...
والآن، لا أرى إلا أن كل النوايا السيئه والأعمال الباطلة ستبوء بالفشل، مع أنها قد تتعب اليمن واليمنيين كثيرا، وقد أتعبتنا كثيراً في الحقيقة، لكن في النهاية سيدرك أولئك بأن سياستهم في اليمن كانت خاطئة وخطيرة وضارة، وأن اليمن قديم وعريق وعصي.. وأن من الصعب هضمه وربما من الصعب فهمه أحيانا، أي أنه قد يفهمه بعض الأجانب والأشقاء خطأ، خاصة في زمن الضعف!
هناك مفتاح مهم لفهم اليمن وأهل اليمن: التعامل مع اليمن واليمنيين بما يراعي الكرامة !
للأسف هناك من يتمادى ويتطاول على اليمن في السنوات الأخيرة أكثر مما يحتمل.
كل عام وأنتم بخير وطوبى لأحرار اليمن عبر الزمان والمكان، ورحم الله أبطال أكتوبر المجيد.