أمس, أسديت نصيحة مهنية لصلاح الدين الدكاك, جوهرها أن المانشيتات القرآنية التي يصدر بها غلاف صحيفته والطريقة التي يكتب بها أبعد ما تكون عن الفن الصحفي بل تنتسب إلى تلك المدائح التي كانت صحيفتا الإيمان وسبأ تدبجانها في الإمام يحيى حميد الدين أو أي صحيفة صدرت في القرن التاسع عشر, ضاجة بالمحسنات البديعية.
لكنه أجفل من النصيحة وامتطى عقله غضب زوراني, لأنها اقتربت من مصلحة أراق في سبيلها ماء وجهه واحترامه.
ذلك شأنه في أن ينسخ صحيفته بالطريقة التي يراها ملائمة له, إذ لم يعد طموحه يتجاوز كلمة رضا من عضو في مجلس الحوثيين السياسي, فقد طار فرحاً قبل أسبوع تقريباً لأن يوسف الفيشي ذكره ضمن قائمة من الإعلاميين العاملين في خدمة الجماعة الحوثية موجهاً الشكر لهم, بل إنه وضع شكر الفيشي له بمنزلة وسام تقلده!
يعيش الدكاك نشوة الابتذال التي تغشى عقول الانتهازيين بعدما يبلغون مراميهم الصغيرة في الغالب, غير مصدق أنه وجد, أخيراً, من ابتاع ذمته وضميره بعدما كدح سنوات في كتابة الهجاء السياسي فارغ المضمون وتحقير المجتمع في محافظات الشمال القصي كي يصل إلى هذا الهدف.
اليوم, لا يفوت مناسبة دون أن يتصنع الغيرة على صحيفة الثوري التي كان في مقدمة المحرضين على حظرها. وهو حين يفعل ذلك إنما يفرغ وعيه الباطن, صاباً غضبه وسبابه على من يظنهم مسؤولين عن وقف نشر مقالاته التي كان من شأن استمرارها أن يقربه من شيء كان يلعب في رأسه.
وها قد تكفلت الأيام بكشف ذلك الشيء وصار الدكاك رقيب مصنفات يرشح للجماعة الحوثية المطبوعات التي يجب حظرها ومجند دعاية يؤمن الخدمة الدعائية لحرب يقودها أولئك الذين ظل يصمهم أعواماً بالتخلف.
غير أن كل ذلك لن يريحه من غصة تعذبه وتضاعف نقمته كلما نظر في عيون الرجال والكتاب الذين اشترى ولاءاتهم وأقلامهم علي صالح في حين أجًر هو كلمته وموقفه لعبدالملك الحوثي.
والأشد تبخيساً لكرامته أن الحوثي هذا لم يزد في ثمن ضميره عن أن أثث له مكتباً صحفياً بتجهيزات مسروقة من مكاتب الصحف التي دهمتها الجماعة ومنحه سيارة قطرتها رافعة حوثية من فناء منزلٍ ما سطت عليه الجماعة.
يقضي الدكاك نهاره وسط مكتب يغص بالتجهيزات المسروقة فتذكره كل قطعة أثاث أو جهاز تقني بمدى رخصه وحين يأوي إلى مهجعه ليلاً, يستحضر وجوه الرجال الذين ابتاع ولاءاتهم علي صالح فيما أخفق هو في تسويق نفسه فلم يلتفت إليه سوى عبدالملك الحوثي: الضبع الذي لا يعاف الجيفة التي أبقاها صالح. وهذا كافٍ لتعذيبه ودفعه إلى مزيد من الإسفاف.
وحين تعادل قيمة المرء طابعة مسروقة, يكفي لأن يخرس إلى الأبد, لكنها الصفاقة التي لا يتحرج معها الدكاك من أن يبقي فاه مفتوحاً ليثرثر بصنوف من الشتائم والمزايدات والتبريرات.
طابعة مسروقة.. يا صلاح الدكاك هي الثمن الذي يفعل بك كل هذا البلاء, وسيظل يمزقك طويلاً, أما أنا فمترفع ولم يحملني على حكي فصل قصير من رحلتك الخائبة إلا لنفهم أطوار مسخ شخصيتك على هذا النحو المخجل.
مساء الخير يا مدير تبييض المسروقات!