اثبتت الاحداث الجارية في المنطقة منذ عامين ان المملكة العربية السعودية اخذت على عاتقها معالجة وتصويب إرث عقود من الهيمنة الايرانية في المنطقة، فهبت في لحظة تأريخية لتصنع تحولا استراتيجيا عميقا وقويا في مسار الاحداث وتدفع بمجرى المياه العربية بإلإتجاه الصحيح.
وضعت المملكة كل ثقلها السياسي والعسكري في المنطقة وتصدت بقوة لكل المشاريع التي تستهدف العرب والمسلمين، واستطاعت خلال عام ان تكسر الشوكة الايرانية التي غرست في جسد الامة، وان تقدم نموذجاً تأريخياً سيظل مكان فخر واعتزاز الاجيال القادمة.
ما يميز هذا الدور السعودي انه جاء في وقته المناسب، بعد ان كادت المنطقة ان تسقط في براثن المشاريع الكهنوتية الطائفية البغيضة، بالتالي جاء المشروع السعودي والتغير في السياسة السعودية قويا كقوة الاحباط الذي كان قد تولد في نفسية وعقلية وواقع الانسان العربي.
والاهم من هذا كله ان المواقف السعودية لم تعد تعبر عنها فقط بل عن كل العرب والمسلمين الذين حشدتهم معها واحتشدوا خلفها، وبالتالي جاءت المواقف ملبية لتطلعات الامة ومعبرة عن حاجة ماسة للتغيير والنهوض بعد الفتور الذي اصابها، و من قدر الاحداث ان السعودية اليوم تقع على كاهلها مهمة معالجة كل ذلك الموروث السيئ الذي ترسخ عن الشخصية العربية والاسلامية.
التغير الجاري في السياسة السعودية سيكون له تأثيره الكبير على المنطقة حاضرا ومستقبلا، ففي الحاضر يشكل دفعة قوية للملمة الشتات العربي واتخاذ موقف واحد من جميع القضايا التي تهم الامتين العربية والاسلامية، والاصطفاف خلف قيادة واحدة ممثلة بالملك سلمان الذي سيسجل التأريخ انه انعش الذاكرة العربية، وبدد البيات الشتوي الذي عاشته الامة، واعاد لها ألقها وعزتها ومكانتها.
اما على مستوى المستقبل فإن ما يجري اليوم بالتأكيد سيكون محل اقتداء واعتزاز للاجيال القادمة، والتي ستستلهم منه التجربة، وسيمثل لها ارضية تأريخية ومنطلق متين نحو معالجة قضاياها وتكرار هذه التجربة الفريدة.
اليوم نستطيع ان نقول ان التغير القائم في السياسة السعودية الخارجية اربك كثير من المخططات، وجعل كثير من المشاريع تعيد التفكير بحساباتها، وبنفس الوقت ارغم الجميع على احترامه والاذعان له.
وما يميز هذا التغير انه يعالج قضايا الامة في جذورها ويدفعها نحو فضاءات جديدة واسعة دون تقديم أي تنازلات منها، وكل هذا يدفع نحو تحول المشاريع الصغيرة للعرب على مستوى كل دولة الى مشروع واحد وقضية واحدة تحت سقف واحد.
نقلا عن صحيفة اليوم السعودية