أطلق حاكم إمارة دبي ونائب رئيس دولة الإمارات، محمد بن راشد آل مكتوم، عدة تغريدات مؤخرا ينتقد فيها بقوة السياسات العربية معتبرا فيها أن الخوض في السياسة في العالم العربي «مضيعة للوقت ومفسدة للأخلاق ومهلكة للموارد»، طالبا ممن «يريد خلق إنجاز لشعبه» التوجه إلى وطنه ليكون التاريخ شاهدا عليه، «فإما إنجازات عظيمة تتحدث عن نفسها أو خطب فارغة لا قيمة لكلماتها ولا صفحاتها»، وأتبع ذلك بتغريدة أخرى يقول إن الأزمة في البلاد العربية هي «أزمة إدارة وليست موارد»، مشيرا إلى «دول تملك النفط والغاز والماء والبشر، ولا تملك مصيرها التنموي، ولا تملك حتى توفير خدمات أساسية كالطرق والكهرباء لشعوبها»، وكذلك بتغريدة أخرى يحمل الأخطاء فيها للسياسي الذي «يدير الاقتصاد والتعليم والإعلام وحتى الرياضة»، مشيرا إلى أن على السياسي بدلا من التنطع لهذه المهام الكثيرة «تسهيل حياة الاقتصادي والأكاديمي ورجل الأعمال والإعلامي»، معتبرا الوظيفة الحقيقية للسياسي «تسهيل حياة الشعوب وحل الأزمات بدلا من افتعالها وبناء المنجزات بدلا من هدمها».
ورغم احتفاء الصحف الإماراتية بتغريدات محمد بن راشد، فإن توقيت التغريدات وتواترها واللغة المستخدمة فيها (رغم محاولتها التعميم والتوسعة والشمول) لا يمكن أن تقرأ من خارج سياق الأزمة الخليجية، وحرب اليمن، إضافة إلى اعتبارها نقدا لبعض الدول التي تتحالف معها الإمارات، وكذلك، بالتأكيد، لدول عربية أخرى.
إحدى الجمل المفتاحية، ضمن دائرة الحدث الخليجي، في هذه التغريدات هي «حل الأزمات بدلا من افتعالها»، وكذلك الحديث عن السياسة الـ»مهلكة للموارد»، وأيضا الحديث عن بلدان تملك كل شيء لكنها «لا تملك مصيرها التنموي»، وهذه الجمل لا تحتاج تأويلا كثيرا لاستخدامها توصيفا لما يفعله قادة أبو ظبي أنفسهم في تدخلاتهم العابرة للدول، سواء كان في اليمن، التي وظفت فيها ميليشيات تدافع عن مصالحها، وبنت سجونا تعتقل فيها اليمنيين وتنتهك حقوقهم بطرق بشعة، أو في ليبيا، حيث ترسل أيضا مقاتلاتها ودعمها لصالح الجنرال خليفة حفتر، وفي مصر، حيث عملت من دون هوادة على الانقلاب على الحكم المدني الديمقراطي وساهمت في استيلاء الجيش على السلطة، ووصولا إلى نزاعها مع تركيا وغيرها.
تعطي هذه التغريدات دفعة لبعض الوقائع التي يمكن ربطها بها، مثل ظهور شقيق حاكم دبي، وزير المالية حمدان بن راشد، على شاشة قناة «الكأس» القطرية، على خلفية مشاركة في مهرجان قطري للخيول في لندن، ولجوء نجل حاكم الفجيرة، في أيار/مايو الماضي الذي قال لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إن حكام أبو ظبي لم يتشاوروا مع حكام الامارات الآخرين قبل المشاركة في حرب اليمن، كما تحدث عن وجود توتر بين الإمارات، وأن جنود الإمارات الأصغر، كالفجيرة، هم أغلب قتلى الحرب اليمنية.
وسواء كان الشيخ محمد بن راشد ينتقد حكام أبو ظبي أم لا، فالأكيد أن التوسع «الامبراطوري» لأبو ظبي، ولعبها دورا محوريا في أغلب النزاعات العربية، بعد أن كانت البلد الذي يحاول جمع كلمة العرب ووقف الخلافات بينهم، وجرّها وراءها الإمارات الست الأخرى بالقوة، لا يمكن أن يستمرّ، وقد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه.