تمضي السعودية بسياسة حثيثة نحو نهاية غير لائقة لتاريخها، أضحت التهديدات منها القومي تحيط بها من كل جانب، وساعدت هي في الوصول إلى هذه الوضعية غير المحمودة العواقب.
تركت العراق للمليشيا الشيعية التابعة لعدوتها التاريخية إيران بعد غزو أمريكا له، كانت التحذيرات من هلال شيعي يمتد من العراق وحتى لبنان، لكن بعد سنوات قليلة، أضحى الهلال بدرا بفعل السياسة الغبية للمملكة في المنطقة.
سوريا هي الأخرى بعد أن كانت متحالفة سياسيا مع السعودية وشكلت إلى جانب الأردن منذ سنوات تحالفا سياسيا وزانا في المنطقة، تركت لنفوذ طهران والمليشيات التابعة لها.
دعمت السعودية في ربيع العام 2011م فصائل ثورية ضد نظام بشار الأسد، ثم تخلت عنها في منتصف الطريق، وانجرفت سوريا في مستنقع الدم والمليشيات المختلفة.
لكن لا خلاف على ان دمشق باتت نافذة رئيسية للنفوذ الإيراني، وهناك على أراضيها تقاتل قوات إيرانية بشكل علني دعما لنظام بشار الأسد، مثلما هو الحال في العراق ولبنان أيضا.
بسقوط صنعاء في قبضة مليشيا الحوثي، صرح مسؤول إيراني أن عاصمة عربية رابعة باتت في جيب طهران، لكن تصريحاته لم تثر صحوة المملكة والتي تدخلت بشكل متأخر وبدون سياسة واضحة.
في حقيقة الأمر لم يكن سقوط صنعاء ليتم بتلك الطريقة الدراماتيكية لولا تواطؤ السعودية التي وقفت ضد ثورات ما بات يعرف بالربيع العربي،وتوهمت خطر الإخوان المسلمون في هذه البلدان.
مضى أكثر من ثلاث سنوات على بدء تحالف عربي بقيادتها تحت ستار إعادة الشرعية إلى اليمن، رغم الضربات الجوية المكلفة ماديا وأخلاقيا وانسانيا، لكنها توارت عن المشهد وتركت الملف الإمارات تعبث به كيما تشاء.
تنفذ الإمارات أجندة خطيرة في المنطقة، لقد دمرت البنى التحتية لليمن بغارات جوية تتحمل السعودية قيادتها الفعلية والاخلاقية أمام المجتمع الدولي، ولم تسلم الحكومة الشرعية المناطق المحررة لإدارتها.
عوضا عن ذلك ذهبت لإنشاء مليشيات خاصة بها تنافس مليشيا الحوثي في الانتهاكات الوحشية، وأظهرت الوقائع الميدانية عبث كبير في هذه السياسة الإماراتية ومطامع واضحة في الموانئ الاستراتيجية والمواقع الحيوية.
كما جرى تأخير عملية الحسم العسكري في عدد من الجبهات، وأغارت مقاتلات التحالف في عمليات مشبوهة على أهداف مدنية وقيادات في الجيش الوطني.
في المجمل، تتصدر الإمارات رسم السياسة الجديدة للمنطقة في اليمن وغيرها، فيما تتحمل السعودية الكلفة المادية والاخلاقية للحرب في مشهد واضح لإفول دورها في المنطقة.
تبدو سياسة الإمارات العبثية في الخارطة الجغرافية لليمن كمن يتصرف في منجى من الأخطار. لكن من الواضح أن إيران أضحت في تماس مباشر مع السعودية عبر خاصرتها الجنوبية، وهو اسوأ سيناريو تحقق خلال سنوات قليلة.
اليمن التي كانت توصف بأنها الحديقة الخلفية للمملكة كمنطقة مهمة لأمن واستقرار الأخيرة، أصبحت منصة لإطلاق الصواريخ الباليستية على مدن السعودية والتي يبدو أنها لا تزال في طريقها لجني سياستها الماكرة في المنطقة.