ستة حروب "للزعيم" ضد الحوثيين يشعلها ويوقفها حسب مشيئته وكانت حروب تحريك وليس تحرير لأغراض سياسية بعد أن تنامت طموحاته في التوريث كانت حروب عبثية وربما ضحاياها من الطرفين تزيد عن ضحايا هذه الحرب لأكثر من ثلاث سنوات.
المؤسف أن تلك الحروب انتهت بتحالف المؤتمر بزعامة صالح مع الحوثي لان الدولة العميقة كانت بيده وكان خروجه من السلطة شكليا ، فهو لم يسلم هادي سوى خرقة ثلاثية الألوان في حفل كرنفالي بهيج تفرغ في اليوم التالي لإفساد المرحلة الانتقالية التي انتهت بسقوط صنعاء وإشعال هذه الحرب، وكانت نهاية مرقص الثعابين على يد حليفه، اللافت أنه قتل والتحالف راضي عنه ولو ليومين.
هذه الحرب يدأب المجتمع الدولي لإنقاذ الحوثي بعد ما يقارب الأربعين شهراً، في حال توقف تحرير الساحل الذي لا زال معظمه بيد الحوثي ، يعني ذلك ان تهامة وتعز واهم المدن الكبيرة لازالت بيد الحوثي، ومن مصلحة الحوثي الدخول بأي حوار لاستعادة الأنفاس.
حالة اليأس والقنوط وضغوطات الوضع الاقتصادي والإنساني تجعل الكثيرون يرون أن سلام بأي ثمن أفضل من حالة الحرب ولاسيما وأن هذه الحرب التي طالت وأهلكت الحرث والنسل يشوبها اللغط والضبابية وضعف وتخاذل التحالف ، وهو الأمر الذي كان لصلاح انقاذ الحوثي !
وهنا يتبادر للذهن سؤال ماذا استجد فيما لو افترضنا تفاوض وتوقف تحرير الحديدة ، وبمقياس الربح والخسارة للمواطن اليمني وليس لاعتبارات سياسية ، أليس كان الأحرى التفاوض قبل عامين ؟
أي حل تحت ضغوط دولية او إقليمية هي بداهة إنقاذ للحوثي وشرعتنه بغض النظر عن تفاصيل أي اتفاق تحت لافتة التوافق ، وفي حال انخرطت الجميع في حكومة توافق حينها.
بداهة ينبغي على اليمنيين ان يستفيدون من اخطاء الماضي فتسوية حرب الستينيات هي أسباب ما وصلنا اليه.
ثوابت المفاوض في صف اعادة الشرعية هي المرجعيات الثلاث ويقيني بأن القيادة السياسية ووزير الخارجية لا يحيد عنها قيد أنملة.
فإذا كان لدينا اليوم مرجعيات فغدا أي صراع محتمل لا يوجد هذه المرجعيات وسوف تسن قاعدة البقاء للأقوى ، ليستمر تلغيم المستقبل وفق نظرية الغلبة وهذه من مهالك الأمم فلا سلام مرتجى إلا وفق انسجام المجتمع ونخبه من خلال عقد اجتماعي ينهي الصراع ويحتكم بالتراضي وبصورة مدنية ديمقراطية ، ما عدا ذلك كمن يحرث في البحر.
ووفق هذه المعطيات حيث لا تقدم يُذكر منذ تحرير الجنوب الذي لا مكان للشرعية فيه إلا على استحياء في حال انخرطت الحكومة في تسوية وبغض النظر عن تفاصيلها ووفق هذه المسوغات والمعطيات بعدها يمكن القول إنه لن تقوم لليمن قائمة وستكون أسابيع وشهور ما بعد التسوية مرحلة عدم استقرار بعد كل هذه التضحيات لان ثمة أحقاد وتناقضات وحالة عداء للجميع ضد الجميع .. وهي بيئة لحرب تلد أخرى.
* كاتب وسفير في الخارجية.
*مقال خاص بالموقع بوست.