أفرزت المرحلة الاستثنائية بعد اختطاف الدولة بروز عناصر وطنية من صفوف الشرعية، وأخرى مترهلة تمثل الدولة العميقة، فرغم أن الشرعية قد أخفقت في بعض الأمور، ومنها الجهاز الإعلامي باختيار قيادات إعلامية كانت غير موفقة، وكذلك في بعض مرافق الدولة لا مجال هنا لذكر التفاصيل.
فيما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية هي الأخرى لم تخرج كاستثناء، فهناك إخفاق واضح، وهو امتداد للدولة العميقة، حيث كانت سياسة اليمن خلال أربعة عقود مضت فاشلة من حيث الشكل والمضمون، بمعنى من حيث عناصرها وكوادرها، ومن حيث الهدف والمنهج وبالنتيجة المضمون، فكاتب هذه السطور قد انتقد فشل وإخفاق السياسة الخارجية قبل الربيع العربي في نسخته اليمنية، و في أوج قوة صالح، من خلال سلسلة مقالات في صحف يمنية معارضة، وصحف عربية مثل القدس العربي الصادرة في لندن، وتعرضت للتهميش والإقصاء، بل وللتهديد والحرمان من مستحقات قانونية حسب لوائح السلك الدبلوماسي، بل وتعرضت للتهديد من قبل الأمن القومي من أرفع مسؤول مفترض في هرم السلك الدبلوماسي وهو وزير الخارجية الأسبق وقد ذكرت ذلك بالتفاصيل في مقالات عديدة.
رغم ذلك هناك كوادر وطنية أفرزتهم المرحلة بل ووضعت هذه الرموز الوطنية في مواقع مهمة من حيث الزمان والمكان.
وعلى خلفية ما بثته قناة الجزيرة مساء اليوم من خلال برنامج "بلا حدود" الذي استضاف السفير أحمد الصياد ، والذي تناول مستجدات الأحداث في سقطرى كمحمية عالمية مصنفة في اليونسكو وأهم ما جاء في اللقاء المشار إليه:
* إن المنظمة الدولية تعتبر جزيرة سقطرى اليمنية جزيرة أمن وسلام، ولا تحتاج لأي تواجد عسكري سوى قوات الشرعية اليمنيّة المكلفة بالمحافظة على أمن الوطن والمواطن، وبالتالي فإن أي تواجد عسكري آخر يُعد غير شرعي وغير قانوني.
* إن لجنة التراث العالمي ستناقش كل المخاطر التي تهدد جزيرة سقطرى في اجتماعها المقبل المقرر في مطلع يوليو القادم، مشيراً إلى رغبتها في إرسال بعثة من الخبراء للوقوف على أوضاع الجزيرة، تمهيداً لحث مختلف دول العالم على تقديم المساعدات وإيجاد الخطط للحفاظ على التنوع البيئي للجزيرة المسجلة في قائمة التراث العالمي الطبيعي.
* وأوضح الصياد أن سقطرى محمية طبيعية مسجلة في قائمة التراث العالمي، ولم تشهد أي مواجهات عسكرية تبرر التواجد العسكري فيها، وإنها تحتاج لتنمية شاملة ومستدامة تحافظ على البيئة والتنوع الطبيعي، مشيراً إلى زيارة رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر والتأسيس لعددٍ من المشروعات الخدمية التي يحتاجها السكان ولا تتعارض مع بيئتها وتراثها. وأشاد ببن دغر وكاتب هذه السطور أيضا الذي أثار قضية سقطرة فرب ضارة نافعة كما يقولون.
* إن المنظمة الدولية تعتبر جزيرة سقطرى اليمنية جزيرة أمن وسلام، ولا تحتاج لأي تواجد عسكري سوى قوات الشرعية اليمنيّة المكلفة بالمحافظة على أمن الوطن والمواطن.
* معلوما بأن الإعلام الغربي -من صحف وتلفزة- قد أشار لخطر ما يحدث لسقطرى منها صحيفة "الإندبندنت" البريطانية التي نشرت مؤخرا سلسلة تقارير عن الجزيرة وما تعرضت له من عسكرة من قبل طرف من أطراف التحالف.
وتعليقي لتزايد حالات الصحوة في بعض كوادر ورموز الشرعية، أنه في الوقت الذي نرصد نقاط ضعف متباينة ومكررة في أداء الشرعية من منطلق الحرص والوطنية، وليس المناكفات ونشر الغسيل كعنصر وطني ملاحق من الانقلابيين، ومؤيدا للشرعية نقول إن هناك نقاط ضعف في الشرعية في بعض تفاصيلها، لكن من باب الأمانة هناك وزراء يستحقون الثناء والإشادة، فالمخطئ نقول لم تكن موفقا، وفي المقابل بدون كلام منمق ومجاملة نشيد برؤية وجرأة بعض الوزراء والمسؤولين في الشرعية، وهم من أدلوا برؤيتهم في إشكالية التحالف والشرعية، مثل جباري والصيادي وصديقي وزير النقل الجبواني، ومؤخرا وزير الخارجية عبدالملك المخلافي في رؤيته التي كانت من خلال لقاء في قناة (BBC ) بضرورة إعادة وتصحيح إستراتيجية العلاقة بين الحكومة اليمنية والتحالف هي الصيحة الحقيقة، وهذا وقتها، فهذا الفرس وهذا الميدان.
وكانت نقطة ضوء للدبلوماسية اليمنية للتحرك سياسيا من خلال المحافل الدولية وبعثات اليمن عبر قضية سقطرى، وكانت النتيجة تحرك سفيرنا الدائم في نيويورك السفير خالد اليماني يعتبر ايقونة وطنية، فالرجل محنك وقد وضعته الأقدار في المكان المناسب، وفي الظرف المناسب، وها هو اليوم قد أوصل رسالة من الحكومة اليمنية لمجلس الأمن بشأن الوجود الإماراتي بسقطرى التي اعتبرت الوجود الإماراتي العسكري غير مبرر ونتج عن الانسحاب الكامل.
وقد انتقد آخرون غيري فشل بعض السفراء في حقبة صالح، وتحديدا سفير اليمن السابق الذي قفز لمنصب أكبر من حجمه، ومما أتذكره في ذلك المقال انتقاده للقربي وسفير اليمن في اليونسكو وقتها اقتبس التالي : " زرت باريس مؤخراً، ولم أجد لليمن فيها سفيراً، ولكني وجدت سفيراً لأحمد علي عبد الله صالح، علمت من مصادر عديدة أنه يعمل بوظيفة مندوب اليمن في منظمة اليونسكو، كغطاء يتمكن من خلاله من الإشراف على استثمارات وعقارات نجل الرئيس السابق في فرنسا، والإشراف عن طريق مستشارين فرنسيين ولبنانيين على تعاملاته السرية مع عدة شركات من بينها شركة توتال، إضافة إلى حصص كبيرة في المصانع في بوردو الفرنسية.
وبداهة لا شك أن هناك حاليا سفراء يستحقون الثناء كسفير اليمن في واشنطن ، وغيره ، ولا يعني ذلك أن هناك سفراء ليسوا على مستوى المسؤولية والظروف الاستثنائية ولكني ذكرت أبرزهم بحكم موقعهم.
* عبد الوهاب العمراني كاتب وسفير في الخارجية اليمنية.