لأسباب عديدة، لا يتسع المقام لذكرها، يمكن للمرء أن يتفهم سعي " اليسار العظيم " بشقيه القومي والأممي، لتحجيم الإصلاح، أو حتى إلى إبادته عن بكرة أبيه إن شئتم.
ولكن على أن يضطلع هذا اليسار بما ينبغي ويجب، فلا يترك للإصلاح " المغضوب عليه " أي قضية وطنية مهمة يمكن أن يستغلها، ويزايد بها، أو عليها.
أما أن يتقاصر هذا " اليسار العظيم " عن أداء دوره الوطني، ليشتغل فقط على معارضة الإصلاح في أي قضية يتبناها، فهو أشبه بمراهق منحرف وطائش، لا يمانع في أن "تغتصب أمه" نكاية بأخيه.
بات الأمر مقرف ومقزز الى درجة تفوق التصور والاحتمال، بحيث لا يمكن للمرء أن يتصور - فضلا عن أن يستوعب - كيف لعظمة هذا اليسار أن تنتهي انتهاء ذيليا، بحثا عن " عظمة " من هنا أو " شحمة " من هناك، متخليا عن كل القضايا الوطنية الكبرى، نكاية فقط بالإصلاح.
يمكن تفهم معارضة فصيل او مكون سياسي حد الإفناء والفناء، سواء اكان هذا الفصيل أو المكون حاكما أو لم يكن، ولكن على أن تظل هذه المعارضة - مهما بلغت حدتها - تحت سقف الثوابت الوطنية الكبرى.
أما إذا تجاوزت " المعارضة " هذا السقف، على نحو تصير معه معارضة للوطن ذاته، ولقضاياه الكبرى، فالمتوجب في هذه الحالة إحالة اليسار "المتعضي" إلى عيادة نفسية او الى إصلاحية للتهذيب وإعادة التأهيل.
***
هذا إعلاء للوطن، وليس تنزيها للإصلاح.
* نقلا من صفحة الكاتب بالفيسبوك