لم استطع تجاهل المبادرة التي تقدم بها الحوثيون للحل .. هي خطوة جديدة وغير مألوفة وتتمتع بقدر من العقلانية وتتجاوز حالة الصلف المسكون بغرور القوة الذي عهدناه منهم طيلة السنوات الأربع الماضية، وفي البدء دعونا نستعرض نقاط المبادرة الست التي تقدمت بها ميليشيا الحوثي وهي:
- تشكيل لجنة للمصالحة.
- الاحتكام لصندوق الانتخابات لاختيار رئيس وبرلمان يمثل كل الشعب اليمني وقواه السياسية.
- وضع ضمانات دولية ببدء إعادة الإعمار.
- جبر الضرر ومنع أي اعتداء من دول أجنبية على اليمن
.
- إعلان عفو عام وإطلاق كل المعتقلين لكل طرف.
-وضع أي ملف مختلف عليه للاستفتاء.
المبادرة من حيث المبدأ تمثل اهم تقدم يحرز على صعيد تعاطي الحوثيين مع الحلول السياسية وتؤشر إلى قبولهم بالحل خارج منطق السيطرة المطلقة على الدولة.
قد تكون هذه المبادرة هروبا ولو متأخرا إلى السلام؛ لكن الإشكالية فيها انها تتعامل مع اليمن على انه مساحة صراع بين أطراف متقاتلة ومتمافئة سياسيا من حيث مشروعية الوجود على الأرض؛ وتفترض أنه اذا كان هناك من سلطة واقعية يتعين التعاطي معها فهي سلطة الحوثيين لا غيرهم.
الذي شجعهم على ذلك هو هذه الحرب التي يخوضها التحالف على السلطة الشرعية المعترف بها دوليا والتي تآكلت وأصبحت عاجزة عن القيام بواجباتها السيادية بحسب فريق الخبراء الدوليين التابعين لمجلس الأمن.
لا يجب غض الطرف عن هذه المبادرة التي وان كانت تعبر عن المأزق الصعب الذي بلغه الحوثيون في هذه المرحلة في ظل الاستنزاف الهائل لقدراتهم العسكرية وتفككك الكتلة الصلبة الضامنة للمكاسب السياسية والعسكرية التي نجمت عن انقلاب ٢١ سبتمبر ٢٠١٤.
فإنها ايضا تعبر عن مستوى لا سابق له من الضعف الذي تعاني منه القيادة الشرعية رغم قوتها الميدانية الضاربة والمعنويات العالية لمقاتلي الدولة الاتحادية؛ وذلك بسبب الممارسات الخيانية من جانب التحالف؛ الذي يعد العدة لإطلاق الكتائب المسلحة بأحدث العتاد العسكري من الأحزمة والنخب والحرس وغيرها من التشكيلات العسكرية الجهوية واللاوطنية؛ لا للقضاء على الحوثيين بل لإطلاق الرصاص من الخلف على كتائب الجيش الوطني المرابط في الخطوط الأمامية، بشبهة انتماء بعضهم لحزب سياسي مهم في الشرعية اسمه التجمع اليمني للإصلاح.. ولأن التحالف لا يريد أن يتشكل الجيش اليمني بعقيدة وطنية يمنية خالصة.
والخلاصة هو انه قد حان الوقت للنظر في المبادرات السياسية التي يمكن أن تخضع لنقاش جاد بهدف للخروج من هذا المأزق.
ولكن لا يجب التفريط بأي حال من الأحوال بالسلطة الشرعية التي يجب أن تنجز الحلول تحت مظلتها.. نقطة ضعفنا اليوم ليس في الامكانيات الهائلة التي وضعها صالح بيد الحوثيين؛ ولكن في الانحراف الخطير لمهمة التحالف الذي يؤكد أن ابو ظبي على الأقل تكرس نفسها قوة احتلال في اليمن بوقاحة لا سابق لها وضمن تكتيك خطير يقوم على هدم البنى الأخلاقية وتسفيه المشاعر الوطنية المشتركة واقامة الحواجز النفسية قبل إقامة الحدود المادية بين المكونات اليمنية.
*نقلا عن صفحة الكاتب بالفيسبوك.