بحسب وكالة الانباء اليمنية التابعة للحكومة الشرعية في الرياض فقد عقدت اللجنة المكلفة بمتابعة المغتربين اليمنيين في السعودية اجتماعها الثاني أمس الأربعاء بعد اجتماع سابق قبل يومين.
اللجنة تم تشكيلها وفق توجيهات الرئيس هادي، ومباركة رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر، وتسابق الإثنين لإعلان تشكيلها بحثا عن تسجيل موقف، بعد تصاعد حدة الشكاوى والمناشدات المطالبة بالتدخل لدى الجهات السعودية.
أسبوع مر ولم تخطو اللجنة خطوة إلى الجانب السعودي لبحث وضع المغتربين، بينما يزداد وضع عشرات الألاف من المغتربين سوء، وكل يوم يتم اقتياد العديد منهم نحو السجون، وترحيل آخرين، بينما يعيش عدد كبير منهم في رعب وخوف لا ينقطع.
لا يرقى وضع المغتربين بالنسبة للاهتمام الحكومي إلى القضية الملحة التي ينبغي وضع الأولوية العاجلة لها، ولم يلمس هؤلاء المغتربين أي خطوات جادة، سوى التصريحات الحكومية التي يطلقها المسؤولين عبر حساباتهم في وسائل التواصل الاجتماعي.
ومن المثير للعجب أن الحكومة التي فقدت سيطرتها في مناطق سيطرة الحوثيين ثم فقدت سيطرتها في مناطق الجنوب حيث يسيطر المجلس الانتقالي، لم تستطع أن تثبت وجودها في مكان تواجدها داخل الرياض، وتحقق نجاحا ولو في حده الأدني، ما دامت تعيش مع أولئك المغتربين في أرض واحدة، فلا هي نفعت المواطنين في الداخل، ولا هي ساندت المواطنين في الخارج.
اليوم تسقط أكبر أكذوبة ظل المدافعين بحماقة عن السعودية يرددوها، وهي أنها تستضيف أربعة ملايين مغترب يمني، وأثبتت السطات السعودية أن ما يهمها من اليمن ليس سوى مصالحها ومنافعها فقط، ففي الوقت الذي تخوض فيه السعودية حربا واسعة في اليمن لإنقاذ اليمنيين كما تدعي، تواصل حربها ايضا على ملايين المغتربين في أرضها، والذي كان بالإمكان أن تستثنيهم بسبب ظروف الحرب والوضع المتدهور الذي يعيشه الناس داخل اليمن، وهي بذلك تهين الحكومة اليمنية نفسها التي تستضيفها، ولا تلقي لها بالا، ولا أحترام.
صحيح من حق السعودية أن تنظم قوانينها وتعيد ترتيب الوضع الذي يخصها داخل جغرافيتها، لكن ما لا تدركه أنها بذلك ترتكب الجرم بحق اليمنيين بشكل مضاعف، فالذين داخل اليمن يعانون بسببها، والذين في أراضيها يعانون ايضا بسببها، ورغم ذلك يواصل المسؤولين السعوديين إطلاق التصريحات بأنهم يعملون لصالح اليمن واليمنيين.
قصص كثيرة مؤلمة يتم تداولها عن المغتربين اليمنيين، وأخرى لأشخاص نعرفهم تظهر جميعها حجم الظروف القاسية التي يعيشها هؤلاء داخل السعودية، لدرجة تطوع البعض لتوفير الوجبات الثلاث للمعدمين من المغتربين، بينما تواصل السعودية تسويق مزاعمها بأنها خصصت ملايين الدولارات لتحسين الوضع الإنساني في اليمن، والذي يذهب كالعادة إلى جيوب المنظمات الأممية لشراء أصواتها كي تسكت وتغض الطرف عن التقارير التي تؤكد وحشية الممارسات السعودية في اليمن.
وللاسف فقد تحول أغلب وزراء الحكومة اليمنية الشرعية إلى أبواق يمتدحون هذا الجهد السعودي، وتناسوا مهامهم ومسؤولياتهم في الدفاع عن الالاف من اليمنيين الذين ينتظرهم مصير غامض، بين الترحيل إلى اليمن التي تعاني من الحرب والفقر وانعدام الفرص، وبين السجون السعودية التي تتعامل مع اليمنيين بدونية مطلقة واستعلاء مهين.
ما يجري اليوم للمغتربين اليمنيين هي امتداد لكثير من الانتهاكات التي طالت الكثير منهم على الدوام، لكنها تبدو اليوم أكثر جرما ووحشية عندما جاءت في ظل بلد ممزق لا يستطيع المغترب العودة إليه، وفي ظل تقاعس حكومي لا يستطيع اتخاذ أي موقف مساند، وتركت الباب مفتوحا للمزايدة على هذه القضية أمام من هب ودب، وكل شخص وطرف يظهر تعاطفه لتسجيل موقف أمام الملايين من المغتربين، دون نتيجة حقيقية.
مختصر القول أن الحكومة اليمنية المقيمة في الرياض أمام اختبار حقيقي في انتصارها لقضية المغتربين أو في اخفاقها كما هي العادة، واللجنة التي تشكلت لحل مشاكل المغتربين مطالبة ايضا في إعلان نتائج تحركاتها وجهودها، أما لو بادرت السعودية ووضعت حلا لهؤلاء فتكون بذلك قد غسلت عن ثوبها قليل مما علق به من أدران في تعاملها مع اليمن.
إشارة:
مثلما تزعم الحكومة السعودية أنها وفرت الغذاء والعون الإنساني لليمنيين في الداخل، يستحسن أيضا أن تخصص جزء منها للمغتربين اليمنيين على أرضها، فقد باتوا في درجة واحدة من المعاناة مع من في الداخل.