وحدها ثورة 11 فبراير
السبت, 10 فبراير, 2018 - 04:52 مساءً

يعيش اليمنيون في قلعة المشاريع المتقاطعة. وحدها ثورة 11 فبراير صعدت من قاع المجتمع وراحت تنشد لكل الناس. لم تكن أغنية فئة دون أخرى، ولا مقدمة لحروب الطوائف والجماعات.
 
لم تقدم وعداً بالنصر، لكنها قالت مند أول يوم إنه يستحيل هزيمتها. الآن وقد صارت جزءاً صلباً من تاريخ مجتمعنا، بعد أن تشرد أبطالها وخصومها، بعد أن حولت ملك الجمهورية إلى مسخ وجعلته عرضة للقتل في أي وقت، بعد أن جاء الملكيون للانتقام من خطابها الديموقراطي وألحقوا بالغ الأذى بمدينة الثورة، بعد أن هرب الشجعان والجبناء، العبيد والخصيان، الساسة والعسكر، الموحدون والحرامية.
 
ها هي فبراير تعود وتمضي في سبيلها. لا تحمل سوى القول، سوى الإشارة، وسوى الإلهام:
 
لم أدع إلى قتل الملك، دعوت لنظام حكم ديموقراطي قادر على اكتشاف قوى المجتمع كلها ورعايتها.
 
لم أدع إلى الحرب، بل إلى نظام جديد من العدالة والجدارة يجعل نشوب الحرب أمراً غير ممكن..
 
جاءت فبراير ضمن ما يشبه الحتمية التاريخية بعد أن صار النظام أكبر منتج للمشاكل في البلد، وبعد أشهر من إعلان النظام نيته تحويل الجمهورية إلى سلطانية عائلية يصبح الشعب بموجبها رعايا لا مواطنين.
 
لم ننتظر أن تغلق فبراير النظام اليوم وتحكم هي غداً، ولا أن توقف الانحدار وتعيد الصخرة إلى الأعلى
 
لنستمع إلى ما قالته:
 
دولة لكل المواطنين بالعدل والقسطاس.
 
وكانت وسيلتها في ذلك أن تسقط "السلطانية السنحانية"، ذلك الشكل الرث والبدائي من الدولة، وأن تجعل عودته في المستقبل مستحيلة.
 
كان الاستقرار الذي أنجزه نظام "دقوهم بالقناصات" هشاً وكاذباً، ولو كان استقراراً حقيقياً لما انهار البناء لمجرد أن رئيساً جديداً دخل القصر.
 
كانت جمهورية القناصات مهندسة لتلائم عائلة واحدة، وكانت مصممة أيضاً لتنهار لمجرد أن يدخل يمني آخر القصر
 
إنها جمهورية على شكل فخ، جمهورية غير قادرة على إنتاج أي فضيلة من فضائل الجمهوريات.
 
دفعت فبراير الباب الهش وطلبت من "ولاد الوسخة"الخروج والمغادرة. لم تدع إلى محاكمات شعبية ولم تحمل مسدسات
لكن جمهورية القناصات كانت فخاً، صممت لتسقط على رؤوس شعبها ما إن تخرج العائلة.
 
في قلعة المشاريع الآن، وهي مشاريع بدائية وعنيفة وخاصة، وحدها ثورة 11 فبراير تخصكم أنتم، تخص الناس الذين جاؤا من قاع المجتمع والذين لا يزالون هناك، وهي التي لا تزال تحرس آخر القيم العظيمة كالمقاومة والصبر.
 
صارت ثورة فبراير جزءاً أصيلاً من ضمير الناس ومن تاريخهم. وفي عامها السابع رأت أعداءها الجهلة يعبثون بجمجمة سلطان الثعابين فقالت: ألم أقل لكم؟
 
لو لم يكن قد صار مخلوعاً لما تمكن صبية صغار من قتله بتلك الطريقة التي كانت، منذ أربعين عاماً، تليق بقاتل مأجور مثله.
 
كانت ثورة فبراير خطاباً رسالياً أخيراً حول الإبداع والعدالة والحرية، حول الناس وآلامهم ومصائرهم، حول فكرتي الجمهورية
والديموقراطية،
 
وكان إعجازها الأول أن تحمل كل ذلك الإشراق وهي طالعة من بلد فقير في قعر العالم الثالث.
 
أما الحرب التي اشتعلت بعد ذلك فكانت هي البرهان:
على أن نظام "دقوهم بالقناصات" خطر.
 
انظروا إلى ما فعله، إلى هذه الحرب الفاجرة التي أشعلها نظام القناصات.
 
ذلك هو البرهان حول السؤال الدي طرحته مقدمة وديباجة الثورة: هذا نظام خطر ولا بد أن يرحل.
 
الآن لم يعد مجديا مواجهتها، لقد صارت فكرة وضميراً وواحدة من حقائق التاريخ.
 
وهي الآن من تحمي أرامل ومحظيات ملك الثعابين القتيل، وإلا لسحبهم الحوثيون كالإماء، وبطشوا بهم كالعبيد
 
يوماً ما سنروي لأحفادنا بفخر، وبأعين مليئة بالدموع:
 
لقد عشنا في زمن ثورة فبراير
 
ولن يجد خصوم الثورة قصة عظيمة مثلها ليرووها.
 
المجد لثورة فبراير.

* نقلا من صفحة الكاتب بالفيسبوك
 

التعليقات