في خبر نشرته الشرق الاوسط قالت إن الاصلاح تبرأ أيضا من خالد الانسي و ياسين التميمي بعد تبرأه من توكل كرمان ولم تذكر الصحيفة من القيادي في الحزب الذي تبرأ منهم.
يسرد كاتب الخبر هذا النص: "قراءة تحرك الحزب تباينت في مواضع وتوحدت في أخرى. فالتباين تمثل في أن الحزب إما أنه يوزع الأدوار ليبقي الخطوط فعالة مع الجميع، أو أنه منقسم فعلا حول سياسته الخارجية وعلاقاته الدولية. أما التوافق فهو أن الحزب تيقن أخيرا أنه أمام مشروع أكبر من الحزب نفسه، وأن مفتاح الحل اليمني هو تحالف دعم الشرعية".
تبدو السطحية قائمة لدى محرر الخبر، فإلى جانب أنه لازال يشكك في نوايا الحزب ومواقفه، فهو يتعامل معه بإنتقاص واضح، وجهل ايضا بمواقف الحزب، فالاصلاح كان من اوائل من أيدوا الشرعية وجميع بياناته تؤكد على التمسك بها، ولم يصدر عنه ما يناقض هذا الكلام، كما لم يتخذ اي خطوة ميدانية تنتقص من الشرعية أو تقوضها.
وفي فقرة أخرى ينقل كاتب الخبر تصريحا لشخص يدعى هاني مسهور وهذا الشخص لاتزال التغريدات في حسابه بتويتر تشهد على تأييده للحوثيين في اليمن أثناء اسقاطهم للدولة في العام 2014م، ومعروف بعنصريته ومناطقيته المتحيزة للانفصال، وكان جديرا بالمحرر والصحيفة أن تستضيف قيادي اصلاحي ليعلق الخبر بصفته الحزبية، إذا كانوا فعلا مهنيين.
شخص آخر اسمه عبدالله الجنيد صرح لذات الصحيفة وقال التالي: "الإصلاح كان يملك من الأدوات ميدانيا وفي تعز تحديدا ما كان يكفل للتحالف اختصار كلفة الجهد العسكري وأمد الحرب، إلا أنه فضل عكس ذلك تحقيقا لأهدافه الخاصة وأولها تحجيم خصوم الحزب، على حساب اليمن والتحالف لإعادة الشرعية".
وهذا الكلام لا يبدو ايضا غريبا فهي نفس التهم التي كانت تردد بحق الحزب منذ اليوم الاول لعاصفة الحزم، وهي تظرة ساذجة، تتعامل مع الحزب وكأنه الدولة وليس حزبا في إطار الدولة، مع العلم أن معركة تعز هي احدى خطيئات السعودية وشقيقتها الامارات في التحالف العربي، وهما من يقودا المعركة، وهما من عينا المحافظ الجديد، والذي أعلن من احدى وسائل الاعلام الاماراتية أن معركة تعز قد بدأت، وللاسف لم تبدأ بعد، أما الماضي فليسأل محرر الصحيفة دولته لماذا تم اخراج حمود المخلافي من تعز، ولماذا لايزال السلاح والمال يتدفق على القيادي السلفي ابو العباس رغم ادراجه في قائمة الارهاب.
مثل هذا الصوت الاعلامي لم يكن له ليرتفع لولا التنازلات التي قدمها الحزب وتبرأه من اعضاءه، وبالتأكيد القائمة ستطول، لكن هذا لا يبدو اليوم مهما، فالقناعة حول جهد السعودية في اليمن وتسببها بهذا العبث وعدم الخروج بحل بدأت تتسع، ولم تعد اليوم محصورة على جناح توكل كرمان كما تدعي الصحيفة، بل تمتد لتشمل قطاعا أوسع وفئات أكثر.
تبدو المعركة الاعلامية للسعودية في واد ثاني تماما، وكأنها في طور المراهقة والطفولة، وليست في حجم التحديات التي تواجه اليمن والمملكة والمنطقة برمتها، فمثل هكذا خطاب لايخدم الشرعية ولا مكوناتها، بل يضعف الثقة فيما بينها، ويظهر السعودية في وضع المتوجس والمضطرب، بينما هي من تتحمل كل هذه النتائج.
مع العلم هنا أن نبرة العداء تجاه حزب الاصلاح في الاعلام السعودي كانت منعدمة ومنحصرة فقط في اعلام الامارات الرسمي والاعلام الموالي لها، أما اليوم فقد انتقلت بوضوح لتتصدر الصحافة السعودية، رغم حجم التنازلات التي يقدمها الاصلاح للسعودية في المقام الأول.
هذا التوحش الذي تمارسه السعودية في اعلامها تجاه من ينتقدها من اليمنيين ليس سوى هروب واضح من المسؤولية وتنصل من التبعات، التي تولدت بسبب سياستها الخرقاء في اليمن، وهو صوت سيرتفع بإستمرار في وجه السعودية والامارات كلما ظلتا تمارسا ذات السياسة التي تسيرا عليها اليوم.
ومن المؤسف أن هذا التصعيد الاعلامي المليئ بالتخوين يرتفع في وجه حزب الاصلاح الذي يعمل من داخل الرياض، ويؤيد الشرعية بكل قوة، بينما يخفت عن من يضع العراقيل في وجه الشرعية ويقوضها بشكل تام في عدة أماكن.
من الواضح أن الاعلام السعودي فقد انتماءه لبلده، ولم يعد يفرق بين حليف وعدو، وبين لحظة آنية ونظرة مستقبلية، وأنه اليوم بات اسير موجهات خارجية تتحكم ببوصلته، وتسيرها في الاتجاه الذي تريد، كما يخضع لاملاءات لا يستبعد أن تكون يمنية تسعى لتعزيز الانقسام والشق داخل مكونات الشرعية نفسها.
إن مثل هذا الكلام لا يستقيم حتى ما فعلته السعودية في ستينات القرن الماضي والتي ظلت تدافع وتدعم وتمول بيت حميد الدين بالذهب والمال والسلاح لمدة سبع سنوات في مواجهة الجمهورية، ومع نجاح الجمهورية لم تفرط بهم، فمنحتهم الامتيازات التي يحصلون عليها حتى اليوم، من بينها الجنسية.
تريد السعودية والامارات أتباع لا شركاء، وعبيد لا حلفاء، وفي الوقت الذي يتوحد فيه الصف الانقلابي، تكرس السعودية والامارات الانقسام داخل صفوف المؤيدين للشرعية، وتوزعان تهم التخوين والعمالة كما يحلو لهما، ومن المؤكد أن مثل هذا الطرح الاعلامي المبتذل سيتكرر، وليس من حل للسعودية والامارات في هذا الجانب إلا أ، يحملا الشعب اليمني ويدفنوه في صحراء، ويأتون بشعب جديد يوافق مزاجهم وهواهم ورغبتهم.
اليوم تبدو أزمة السعودية والامارات مع قطر شماعة لتغطية عجزهما في اليمن، فتحت هذه التهمة جرى تعليق العديد من التهم، سواء اتهامات لأحزاب أو لاعلاميين او لناشطين، بحجة الانتماء والولاء لقطر، وبدلا من تصدير الحل لليمن واليمنيين جلبت كلا من السعودية والامارات الانقسام لليمنيين وهما ترفعان قميص قطر في وجه كل من قال لهما لا.
ونقولها مرة ثانية كيف يمكن أن نثق بدولة تنزعج من مواقف بيضاء لناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي، فتخشى صوتهم، بينما هي تمارس القتل والتنكيل والحصار والعبث بحق بلدهم.
يريدون مننا أن نخضع، وأن نسكت، وأن نقتل وأن نحاصر ثم لا يريدون أن يسمعوا أنينا، ولو كانت السعودية نفسها جادة فأمامها الميدان واسعا ولتتجه لحسم المعركة بدلا من إطلاق الأعذار الواهية، أو فلتنتحي ولتقلها بصراحة أنها فشلت.
*ملاحظة:
ياسين التميمي ليس اصلاحي، وخالد الانسي لم يعد ايضا اصلاحي.