في ذكرى ثورة سبتمبر
الخميس, 24 سبتمبر, 2015 - 01:37 مساءً

منذ تولى نظام علي عبدالله صالح حكم اليمن في 17 يوليو 1978م وهو يسدل الستار على الثورة اليمنية السبتمبرية وشخصياتها، ولم يحافظ منها سوا على الإسم والاحتفال الصوري بها كل عام، اما اهدافها ومنهجها فقد ضاعت وانحرفت سياسة النظام عن تلك الاهداف الوطنية الشريفة الى اهداف اخرى تخدم بقاءه وتطيل حكم نظامه بغض النظر عن شرعية تلك الاهداف.
 
لقد ضاع وهج الثورة وعظمتها في عهد حكم صالح اكثر ممن كان قبله، وهيمنت صورة الرئيس وحضورها الثابت في وسائل الاعلام الرسمية المسموعة والمقروءة والمرئية على مدى اكثر من ثلاثة عقود، على تكريس شخصية صالح في أذهان المواطنين بإعتباره الثورة والجمهورية والوحدة والوطن، وسادت لغة المدح والتفخيم للرجل في كل المناسبات الوطنية، وركز الاعلام الرسمي في أعياد الثورة على ابراز منجزات صالح كأنها الثورة متناسيا الحدث الأكبر ومن صنعه ومن فجره؟ومن قدم التضحيات بالدم والمال والجهد حتى تحققت ثورة سبتمبر العظيمة.
 
وبمثل الاصرار على انتهاج سياسة المدح والنفاق والتزلف في الاعلام الرسمي، ومن يقف خلفه تجاه صالح ونظام حكمه، واصل هذا النظام تقديم صالح كزعيم معبود متفرد الصفات منزه عن الخطأ، اوجدته القدرة الإلهية ووهبته لليمن واليمنيين بمواصفات خاصة ونادرة وجدت معه وستفنى معه.
 
وبقدر تسخير نظام صالح للاعلام في إظهاره كبطل وإبن بار وفارس مغوار، بقدر ما تم ابتداع السنن الهوجاء عن طريق الضغط والإكراهوالإرهاب والإغراء لتتواصل عملية تأليه الزعيم وتقديس الطاغية، فواصلت قطاعات كثيرة في المجتمع عملية النفاق الجماعي لصالح ونظامه من خلال رفع التهاني إليه في وسائل الاعلام الرسمية بمناسبة اعياد الثورة والوحدة وكأنه صانعها الاوحد.
 
لقد تعرضت الثورة وتأريخها واهدافها للطمس والمحو، وران عليها غبار الاهمال الذي أسدله صالح ونظامه، فقتلت روح الثورة، وأهمل ثوارها وشهدائها، ولم يتبقى من الثورة إلا اسمها، وواصل صالح ونظامه تحت غطاء الجمهورية ممارسة ذات الأساليب التي كانت عليها دولة الأئمة قبل قيام الثورة، لتعود اليمن من جديد الى مرحلة ما قبل الثورة وتعيش اجوائها وأسلوبها.
 
فقد سعت أسرة آل حميد الدين الى اعتبار حكم اليمن حقا مملوكا لها لاينازعها فيه احد، فولت ابنائها والمقربين منها في المناصب الحكومية، وقمعت معارضيها وشوهت صورهم، تارة بإتهامهم بالفسوق والزندقة، وتارة بالعمالة والخيانة، وصمت آذانها عن كل نصح ومشورة، واستخدمت السيف لقطع رقاب كل معارض لها بالرأي، ومعترض على سياستها واسلوب إدارتها للحكم، وهو ما حصل من صالح وعائلته التي لم تتخيل مطلقا انها ستغادر دار الرئاسة وتترك الحكم، فصورت من يطالبونها بالرحيل بالخونة والعملاء والمتمردين والمنشقين.
 
إن الثورة التي انطلقت قبل نصف قرن لا يعرف جيل الوحدة الراهن عن طبيعتها وشخصياتها وشهدائها إلا الشيء اليسير مما هو مكتوب في المناهج الدراسية وأسماء الشوارع والميادين العامة.
اما حقيقتها وأهميته فقد ضاعت وتاهت في غمار الاحداث اللاحقة لأن من تولوا حكم اليمن في سنوات ما بعد الثورة لم يكونوا من صناع الثورة ومغاويرها، ولم يكابدوا الظلم والطغيان كما فعل صناع الثورة الاوائل، فجاءوا الى الحكم وقد زال النظام الامامي الذي قامت عليه الثورة، فقربوا من هم على شاكلتهم من الشخصيات المدعية للبطولة وأبعدوا الشخصيات الوطنية المشاركة في صنع الثورة وتفجيرها.
 
وبمثل ما اختفى وجه الثورة المشرق بمثل ما اختفت الشخصيات اليمنية التأريخية التي اسست ثقافة يمنية مشرقة، لصالح عائلة صالح التي سعت الى استبدال الموروث الثقافي والتأريخي اليمني لصالح بقائها ووجودها وحدها فقط.
اليوم تعود شمس ايلول لتبرهن من جديد على نقاء ثورة سبتمبر، ونصوع غاياتها، وسمو اهدافها.
تعود اليوم لتعلن لليمنيين جميعاً ان درب الثورة لازال مفتوحاً، ومسيرتها لاتزال مستمرة، وعليهم ان يهبوا ويدافعوا عن تلك الثورة ومكتسباتها وتضحياتها، ولايمك لعجلة التأريخ ان تعود للوراء.

التعليقات