لم يكن أحد يتصور أن أرخبيل سقطرى يمكن أن يصبح هدفا جيوسياسيا لبلد عربي شقيق مثل الإمارات؛ يريد أن يستولي عليه ويحتله على رؤوس الأشهاد ولكن ذلك يحدث بالفعل.
فأبوظبي التي لم تطلق رصاصة واحدة في هذا الأرخبيل تريد ان تتصرف فيه باعتباره إحدى غنائم الحرب الثمينة التي تضع يدها عليها في جغرافية اليمن الكبير أرضا وبشرا.
انها تسعى وبوقاحة لتجيير أرخبيل سقطرى الذي يؤمن لليمن مشاطأة مهمة للمحيط الهندي ويكرسها بلدا مؤسساً لرابطة الدول المطلة على على هذا المحيط لحسابها وكأن اليمن تحول إلى تركة مشاعة.
يمكن اليوم فهم السلوك الإماراتي في المحافظات الجنوبية؛ حيث يجري تعويم نموذج فريد من اللادولة؛ مؤسساً على بنى هشة ومتصارعة؛ وعلى عقيدة تفتقد في جوهرها للهوية الوطنية الواضحة وتقيم خصومة مع الهوية الأصيلة الضاربة جذورها في عمق التاريخ.
تشكل ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي ليكون غطاء للأهداف الجيوسياسية لأبوظبي في اليمن.
أعضاء هذا المجلس هم أنموذج سيء لبائعي الأوطان بدوافع وطنية!.
لن تجد ابوظبي أسوأ من هؤلاء لإبقاء حالة الفوضى الراهنة في المحافظات الجنوبية وهذه الحالة من انعدام اليقين حيال مجمل الأحداث الجارية في البلاد؛ هل هي انتصار الشرعية ام ضدها هل هي تصب في سياق دعم الوحدة أو الانفصال؛ حتى يتسنى لها المضي قدما في مخطط احتلال الأجزاء الحيوية من اليمن.
لقد أمكن على ما يبدو للوزير السفير يوسف العتيبة الذي يلعب دورا محوريا في واشنطن لصالح محمد بن زايد حصرا؛ إبرام صفقة مع واشنطن بشأن سقطرى؛ خصوصا وأن الولايات المتحدة تسعى لتوظيف جزر سقطرى عسكريا منذ زمن المخلوع صالح.
لكن توجه كهذا لا يمكن ان ييمح له واا يمكن لسقطرى ان تتحول إلى هبة عقارية مناسبة يمكن لبن زايد أن يتقاسمها مع السمسار الذي يتولى السلطة في البيت الأبيض.
ان هذا النوع من التقاء المصالح موجود في هذا الزمن الأسود. لهذا يتوجب على اليمنيين ان يتهيأوا لمعركة الاستقلال والكرامة؛ اذا استمرت حماقات بن زايد واذا استمر صمت الرياض المريب كما هو الحال اليوم.
لم تكن قناة الجزيرة تكايد حينما أفردت ملفا لنقاش الترتيبات الإماراتية الخطيرة في سقطرى.
لقد دقت ناقوس الخطر؛ لهذا يجري إغلاق مكاتب هذه الشبكة التلفزيونية العربية العالمية في اليمن من قبل أطراف خاضعة لإملاءات الإمارات؛ على نحو ما جرى مؤخرا في تعز .
محمد بن زايد الطموح إلى لعب دور إقليمي يبدو كمن يناطح التاريخ مثل ثور أهوج في حلبة مصارعة إسبانية.
هو اليوم يدفع بسحرته إلى اختلاق روايات بشأن صلة القرابة التي تجمع سكان سقطرى مع بدو أبو ظبي.
التاريخ يحفل بالحقائق التي تعيد هذه الدولة الاماراتية المصنوعة من قبل المندوب السامي البريطاني إلى أصلها العماني؛ هذه التبعية التاريخية هي العقدة التي تلاحق حكام أبو ظبي وتؤرقهم؛ وتجعلهم يسيرون خلف حماقاتهم في امكانية انتهاك الحق الوطني لليمنيين في أرخبيل سقطرى؛ ليقولون: حسنا يا سطنة عمان ها نحن نتواجد في المحيط الهندي.
في كتب التاريخ الحديث قبل القديم كانت دولة النفط الإماراتية وبلاد الفنادق الكثيرة ومحلات الترفيه حاليا؛ تُعرف باسم مشخيات ساحل عمان.
لقد قارب اعلام ابو ظبي عاملا بالغ الحساسية في محاولته لتبرير السلوك الإماراتي في سقطرى باتكائه على العامل الاجتماعي.
لأن من شأن ذلك أن يعيد تأسيس الهوية الحقيقية للإمارات في مرحلة ما بعد النفط.. انها مستعمرة هندية المواطنون العرب الأصليون فيها لا يكاد يراهم أحد.. ومع إنشاء معابد هندوسية في الإمارات يترسخ الحق الأصيل للهند في ممارسة نفوذها على رعاياها الذين يشكلون الغالبية العظمى من سكان الإمارات.
لذا على الإمارات ان تتوقف فورا عن هذا العبث في الأراضي اليمنية التي لا تقبل التجزئة مهما كان الثمن.
*المقال خاص بالموقع بوست