وستمضي مأساة سوق "خلقة" في نهم كما مضت غيرها. ستكون مجرد مادة إعلامية وميداناً للإدانة وفي أغلب الأحيان للمماحكات بين أطراف الصراع. حدث مثلها من قبل من طرف الحوثيين وصالح، ومن طرف طائرات التحالف، وسيحدث مثلها كذلك، طالما استمرت هذه الحرب.
يجب أن تقف الحرب، وعندما نقول إنها يجب أن تقف، فإن من أشعلها يتحمل مسؤولية استمرارها. بكل بساطة يقول اليمنيون والخليجيون والعرب والعالم كله بأن تنفيذ الحوثيين وصالح للقرار الدولي هو المدخل لوقف الحرب.
وعليه فإن من يرفض تنفيذه – بعد أن أعلن التزامه به – مسؤول عن نهر الدم.
وفي حال استمرت الضربات الجوية عليهم بعد تنفيذهم للقرارات الدولية، فسيكون التحالف هو المسؤول، وسيكون العالم والعرب واليمنيون معاً ضد ضربات التحالف. أما وهم يتحذلقون في الحديث عن القرار 2216، ويماطلون في تنفيذه، فإنهم – بكل غباء – مسؤولون عن استمرار الحرب.
مخرجات الحوار الوطني حجة على الحوثيين وصالح، وقبلها المبادرة الخليجية، حتى اتفاقية السلم والشراكة، رغم أنها فصلت على مقاس الحوثيين، فإنها تدينهم لعدم التزامهم بها...القرارات الدولية تدينهم كذلك، وتدعوهم لسرعة الوفاء بالتعهدات.
لا يعترف أحد بسلطتهم، حتى طهران التي ورطتهم في الحرب لا تجرؤ على الاعتراف بهم بشكل رسمي. فشلوا في الحرب، وقبلها فشلوا في السلم، فشلوا في السياسة، وقبلها فشلوا في الاقتصاد...لو كان للفشل اسم آخر لكن الحوثيون المعنى المرادف له.
نجاحهم الكبير هو انتشار السوق السوداء وتمددها، والسيطرة على مقدرات الدولة، وخفض احتياطي البلاد من النقد الأجنبي إلى النصف، واللعب بسجلات موظفي الدولة بالحذف والإضافة، وتمزيق نسيجنا الاجتماعي، والقضاء على وحدتنا الوطنية، وبث الفتن والصراعات الطائفية والمناطقية والعنصرية.
من يقول لهؤلاء إن الدول لا تدار بعقلية "ما نبالي"! وأن الحروب ليست "زوامل" لطف القحوم، ولا تصريحات ابن عمه! من يخبرهم أن الدولة أكبر من حجم محمد الحوثي رغم ضخامة جثته...أن اليمن يصعب اختصارها في "ملزمة" حسين الحوثي...أن باب اليمن أكثر اتساعاً من شاشة "المسيرة"، وأن النشيد الوطني ليس "صرخة" عبدالملك المستوردة. على ماذا يراهن هؤلاء؟ على الروس؟ الروس منشغلون بسوريا، وروسيا لا تستطيع فعل شيء في الملف اليمني، لوجود قرار دولي يحظر التعامل مع الحوثيين كسلطة شرعية، ويمنع توريد السلاح لهم..
موسكو لن تنفع الانقلابيين، ولن تغامر بسمعتها بخرق القرارات الدولية، وتهريب السلاح لن يجدي كثيراً، وكلمة صالح عن مخزون من السلاح يكفي للمواجهة أحد عشر سنة مجرد عجرفة متهالكة. أي ذنب ارتكبناه – يا رب - حتى تعاقبنا بعبدالملك وجماعته! عرفت صعدة جماعات دينية مختلفة، كان أبرزها جماعة السلفيين في دماج. عاش السلفيون في صعدة عشرات السنين دون أن يرفعوا سلاحاً على أحد، مع كل التهم التي كانت تقال عن تزمتهم وتشددهم ورفضهم للآخر، بل إن "القاعدة" عرضت عليهم المساعدة أثناء حصار دماج، ورفضوها بسبب رفضهم منهج القاعدة العنيف، وأفكارها المتطرفة.
وجاءت جماعة عبدالملك فأخرجت المسلمين المخالفين في المذهب، واليهود المخالفين في الدين، من صعدة، وبعد عمليات التهجير لمئات الآلاف من المحافظة، ورفض عودتهم لديارهم، يتحفنا عبدالملك بمحاضرة طويلة عن التعايش والقبول بالآخر، ونبذ الطائفية. قلة حياء...ووقاحة لا يقدر عليها إلا من يكذب ويتحداك ألا تصدق. من يقول لعبدالملك الحوثي إن الدستور أعطى حق اتخاذ قرار الحرب والسلم لمن لديه تفويض شعبي بانتخابات ديمقراطية! من يقول له إن اليمنيين لن يغفروا له ولا لأسرته. من يهمس في أذنه: أنت فقاعة صوت...حنجرة...ليس إلا... كفى صراخاً...كفى...