طويت صفحة الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، الذي قتل الاسبوع الماضي على يد حلفائه الحوثيين المدعومين من ايران بعد أن قرر الانقلاب عليهم وتحويل ولاءه إلى الجانب الآخر في حرب تشهدها بلادنا منذ ثلاث سنوات.
أحيانا ما يشير صالح إلى تعاونه مع الحوثيين الانقلابيين - والذين كان يأمل ان يستخدمهم أداة لأجل العودة الى السلطة- كمن "يرقص على رؤوس الثعابين"، غير ان الثعابين هذا المرة كانت اليه أسرع ، ليدفع ثمن ذلك حياته.
لا ينبغي ان نبتهج بموته، بل إنني وشباب الثورة السلمية لم نتمن له هذه الخاتمة، لكنه حصد ما زرع!!
تحالف صالح مع الحوثيين ومكنهم من اقتحام العاصمة صنعاء وغيرها من المحافظات في العام 2014، ومعاً قوضا الدولة وارتكبا مختلف الجرائم بحق الشعب اليمني.
لا تزال الحرب مستمرة، تقول القوات السعودية والاماراتية التي تدخلت في الحرب باليمن لمواجهة النفوذ الايراني، انها حررت 85٪ من الأراضي ، ولم يتبق سوى مساحة صغيرة تحت سيطرة ميليشيا الحوثي.
غير أن السعوديين والإماراتيين يرفضون السماح للرئيس المعترف به دوليا عبدربه منصور هادي، الذي انتخب في شباط / فبراير 2012 كجزء من اتفاق نقل السلطة الذي أعقب ثورة عام 2011، بالعودة إلى اليمن وممارسة سلطاته.
جميع الجزر والسواحل والمطارات والموانئ والمؤسسات في تلك المناطق تحت سيطرة القوات الاماراتية والسعودية بطريقة مباشرة أو عن طريق المليشيات التي أنشؤوها.
الحصار المحكم تسبب في المجاعة والامراض، وانتشار الأوبئة التي تجتاح اغلب السكان دون ان تقدم دول التحالف التي تنام على بحيرات من النفط شيئاً للتخفيف من وطأتها.
ومع أن عدن مدينة محررة وتم إعلانها عاصمة مؤقتة، إلا ان القوات الإماراتية منعت هادي من الهبوط بمطار عدن في أكثر من مناسبة. موظفو الدولة بلا مرتبات لأكثر من سنة، ومرضى المستشفيات دون علاج. يعاني الناس من عدم الحصول على الخدمات الأساسية، بما في ذلك الكهرباء والمياه النظيفة والمدارس.
لماذا تتصرف السعودية والإمارات بهذه الطريقة؟ لأنهم يخافون من رغبة الشعب اليمني في الديمقراطية التي عبرنا عنها وكانت لها تأثيراً قوياً خلال ثورتنا السلمية قبل ست سنوات.
إنهم يفرضون شكلا من أشكال العقاب الجماعي على اليمن لنجاحه في الإطاحة بالدكتاتور صالح، ويريدون حماية نظمهم الملكية من خلال إعادة اليمن إلى دولته الاستبدادية قبل عام 2011. إنني على يقين من أن جهودهم تلك سوف تبوء بالفشل لأنه لا يمكن كسر إرادة الشعوب التي تتوق إلى الحرية والكرامة والديمقراطية.
لعل موت صالح فيه بداية للخروج من هذه الدائرة المفرغة من سفك الدماء؛ على اليمنيين العمل مع المجتمع الدولي لوضع خارطة طريق تتأسس على ما سبق ان توافق عليه اليمنيون في مؤتمر الحوار الوطني الذي تم برعاية الأمم المتحدة في أعقاب الثورة السلمية.
يجب السماح للرئيس هادي وحكومته بالعودة إلى عدن، وعلى المملكة العربية السعودية والإمارات تسليم كافة الموانئ والمطارات والجزر والسواحل إلى السلطة الشرعية.
كما ينبغي نزع سلاح الميليشيات والجماعات المسلحة في المحافظات المحررة وتسليم أسلحتهم إلى الجيش الوطني.
وبالتزامن مع ذلك، يجري التفاوض مع ميليشيا الحوثي لتسليم أسلحتها، والمشاركة في حكومة وحدة وطنية ترعى الاستفتاء على مسودة الدستور ومن ثم الذهاب إلى الانتخابات المختلفة بناءا عليه.
هذه الخطة لكي تنجح يجب أن يقوم المؤتمر الشعبي العام باختيار قيادة جديدة تؤمن بالديمقراطية وغير مرتبطة بعائلة صالح وبالسياسات الكارثية التي أدار بها البلد.
كما يجب أن تقوم السعودية والامارات برفع الحصار كليا وايقاف القصف الجوي ، والاقتصار على تقديم الدعم اللوجستي للحكومة والجيش اليمني.
والأهم من ذلك، يجب أن تتحول ميليشيا الحوثي الى كيان سياسي ينبذ العنف. والواقع أنه لا يمكن لأي خطة سلام ان تنجح الا اذا تم تنفيذ ما سبق.
طالما أننا نتشاطر العديد من القيم وننتمي إلى نفس البلد، ليس أمامنا من خيار سوى التعايش في سلام وتشارك ، مهما طالت الحرب وزادت الخسائر والتضحيات فإنها حتما ستنتهي ، دعونا نتحرك لنوقفها الآن !
* نقلا عن "الواشنطن بوست" ترجمة خاصة