كانت الضربة القاضية التي قصمت ظهر سلطة صالح ومنظومة زبونيته المنحطة, هي تلك التي سددها شباب سلمين عزل إلا من شجاعتهم التي لا تضاهى. الباقي مجرد تفاصيل وتبعات كانت ستحدث بطريقة أو بأخرى.
اليوم الانهيارات متواصلة, وهي ليست مقتصرة على صف صالح وحده, بل تشمل من جلبهم لكي ينتقموا له، لكن ايضا تشمل أولئك المثقفين الذين اهتزت اعماقهم المتعفنة وقرروا في لحظة رعب ان يتملقوا الجماهير دون ان يتخلوا عن الحنين لعودة سلطة القبح والجريمة.
ولأنهم كذلك ها هم يعودون الى المستنقع الواحد تلو الأخر. وليس لديهم من منطق سوى ان نختار بين قاتلين. هم ليسوا بحاجة لنا. لكنهم لن يعودوا ولن يسودوا الا اذا ما نجحوا في خداعنا، وهم الان يقومون بالدور المرسوم.
ورغم ان ركاكتهم باتت واضحة, الا ان استمرار مخاتلتهم ومحاولة تزييف الوعي, كل هذا اصبح يشير الى طبيعة الجبن التي جبلوا عليها. أنه الانحطاط يا سادة, كأحد معالم البؤس العتيقة الدالة على هذه المنظومة، ومن غير هؤلاء المثقفين كان سيغدو التميز ربما صعبا للغاية.
الثورة في احدى تعبيراتها الاقرب للدقة, هي أداة هدم بارعة, عملها الاساسي تعميق الانقسامات داخل الطبقات المسيطرة وزرع بذرة الفناء الأصيلة التي ما تلبث ان تتبرعم حتى ينهد القديم كوثن شائخ.
بهذه الطريقة فقط أو عندما يكتمل الانهيار يبدأ الجديد في التدفق بعد ان يكون قد نجح في الاطلال من شرفة التاريخ واستطاع ان يحجز لنفسه مقعد في قطار المستقبل. بتلك الصورة النزيهة والآخاذة.
اليوم من بين كل الأطراف الموجودة, وحدها روح ثورة فبراير من تقاتل في الميدان الصحيح. ووحدها من ستنتصر في نهاية المطاف. هذا هو أملي وأمل كل المقهورين في هذا البلد.
يكفي أننا في كل أزمة عاصفة أو عندما يسود التبلد وتكثر الخذلانات, تعود الثورة متوهجة كعنقاء. بالرغم من كل التعقيدات.