ان يصل المراقب السياسي الى نتيجة مفادها ان التحالف العربي (سادعوه بالتحالف لاحقا) لم يعد وفيا لما اعلنه في بداية تكوينه من اهداف يسعى اليها، و في القلب منها استعادة الشرعية، فهذا ليس اكتشافا عبقريا و انما حقيقة واقعة عرفها كل متابع و اي متابع للحرب في/على اليمن.
و ينطبق نفس الامر ايضا على حقيقة ان هناك توترا سياسيا كبيرا بين الامارات و القيادة السياسية الشرعية لليمن (سادعوها بالشرعية) سواء مع الرئيس هادي او قيادات اكبر حزب يؤيد الشرعية بشكل مطلق و هو حزب الاصلاح.
رسميا لا زال التحالف يعلن عن نفس الاهداف و ان كانت التصريحات السياسية لقيادات التحالف اختلفت الى حد كبير (تصريح ولي عهد السعودية حول ان الحرب سوف تستمر حتى لا يكون هناك حزب الله اخر في اليمن:مثالا)
و فيما يحرص التحالف على اعلان موقف رسمي ملتزم باهدافه الرسمية، يدفع نفس التحالف بادوات مخابراتية لتملىء الجو العام بكلام سياسي يمثل حقيقة مواقفه المخاتلة و الهادفة الى السيطرة على اليمن ارضا و انسانا و لعقود، و الملاحظ ان هذه الاحاديث تتخذ من منصات التواصل الاجتماعي و خصوصا تويتر منطلق لها في معظمها ذات خطاب مدمر و غير بناء من قبيل الشحن الانفصالي و الطائفي، و منها ما يعتمد اهانة اليمنيين و التقليل من شأنهم و سرعان ما يتسرب ذلك الخطاب الى قنوات العربية و اسكاي نيوز و روتانا خليجية و غيرها، و كل ما ذكر لا يبث عشوائيا او مزاجيا بل ضمن خطة اعلامية نفسية تهدف الى اشعال الفتن في اليمن و ضرب المكونات الاجتماعية في ما بينها و قتل الهوية اليمنية و تفتيتها و ايضا اصابة اليمنيين بالصغار و الاحباط و بالتالي الاستسلام لمبضع التحالف للعبث بالجسد اليمني كيف شاء.
التحالف بقطبيه السعودية و الامارات، و ان شئت الدقة في القول و بحسب التأثير و القدرة فلتقل التحالف بقطبيه السعودية و الامارات، يتغيا و بخطى حثيثة تكوين نواة صلبة - و قد نجح في ذلك- على اسس عقائدية اهمها:
١- العداء التام للاسلامين الحركيين اخوان و سلفيين، و التركيز خصوصا على الاصلاح و التشديد على كونه جزء من الاخوان حتى ان الخطاب السياسي لهذه الكتلة يخلط بين الاخوان و القاعدة عن عمد رغم يقينهم بكذب ذلك.
٢- معاداة الربيع العربي في كل بلاد العرب و الولاء لاعدائه.
٣- ربط هذه النواة / الكتلة الصلبة عضويا بالتحالف من خلال حبل سُري يمر منه كل الدعم و التغذية اللازمة من رواتب و امكانات مادية كبيرة جدا تمويلا و تسليحا و حتى سيارات و ملابس و استضافة العايلات في دبي و اغداق الماديات على القيادات و عايلاتهم وهي سياسة ربط سري اذ لا يكفي ان تعطي صنيعتك المال و تعطيه الحرية في شراء ما يشاء فذلك امر لا يربطه عضويا بك بل اعطه الملابس و السيارات و البيوت و الاثاث و الطعام و لذا رأينا الملابس المدنية الاماراتية ناهيك عن العسكرية باعلام الامارات و العقالات و الثياب و حتى الشباشب الاماراتية و هذا ما رأينه و مالم نره هو الهواتف الغالية (مرتبطة باجهزة الامن بانظمة تجسس خاصة) و ملابس الاطفال و النساء و الفلل و الاثاث ر العطور و البخور...و بهذا يشعر العميل ان لا فكاك و هذا الامر معمم على الجميع من كبار القادة الى الكادر الوسطي و حتى الواعدين من صغار القادة.
٤- الانفصال التام عن القضية الوطنية سواء كانت جنوبية او يمنية او عربية و يصبح الولاء لولي النعمة هو الامر الاهم انه تشكيل كتشكيل جيوش المماليك في مصر او جيش النجاحيين في اليمن، و هو امر يتجاوز المليشيا الى تكوين مجتمع منفصل داخل المجتمع.
٥- معاداة النظام الديمقراطي و التعددية الحزبية و تشويهها و الترويج لولاة الامر الذين هم حكام التحالف لا غيرهم.
ربما ارتسمت لدى القارئ فكرة عن هذه الكتلة و انها الحراك الجنوبي و من يظن ذلك فلديه بعض الحق و لكن ليس كله هذه الكتلة هي جزء من الحراك و بدأت معه لكنها ليست الحراك، انها بالتحديد الجزء من الحراك الاكثر تشدد و راديكالية و الناشئة في المناطق التاريخية لتنظيم الجبهة القومية و الذي اصبح اسمه الحزب الاشتراكي و هم المعروفون لدى كل الجنوبيين و اليمنيين عموما بالمثلث الجبلي الضالع ردفان يافع، و بطبيعة الحال ليس كل ابناء تلك المناطق في الكتلة لكنهم يعتبروا نخبهم و مؤيدين بالاغلبية المطلقة من ابناء هذه المناطق، و كما رأينا في تجربة تحرير عدن و بقية المناطق فغيرهم يحارب و هم يستلموا امور تلك المناطق برعاية كاملة من التحالف، و لا اظن ان موكب عيدروس الزبيدي عنكم ببعيد الذي زار شرق الجنوب الى حدود عمان كرئيس، و لم اكتب كرئيس جنوبي لانه مخطط له ان يكون رئيسا لليمن كلها، و الخطط تسير حثيثا في الشمال كما هي في الجنوب.
ففي تعز يهيئون الناصرييين و الجامية ليساعدوهم على اخضاع تعز، و هناك خطط معتمدة و اخرى بديلة و كلما فشلت احدهم ظهرت الاخرى و الخطط كلها هدفها واحد هو تصفية الاصلاح في تعز ر تسليم المحافظة للكتلة الصلبة المعادية لهم هناك و التي يجب ان يكون ولاءها محليا لجماعة عيدروس و اقليميا للتحالف، قبل وصولهم الى مارب سيمرون الى البيضاء و لان البيضاء ليس فيها احزاب بديلة للاصلاح يستقطبون الجامية و بقايا القاعدة و مع بعض القبائل المقاومة ليشكلوا تحالف معادي للاصلاح يستلم البيضاء حال التحرير و هناك اسماء جاهزة لا داعي لذكرهم.
و هكذا دواليك لن يحرروا صنعاء حتى يكونوا على يقين ان الاصلاح غير قادر على استلامها و ان الكتلة تحاصر صنعاء و هي من سوف تدخلها...و اذا لم يستطيعوا ذلك فلن تتحرر صنعاء.
و اذا سأُلت عن الوقت اللازم لتنفيذ ما ذكرته ؟
لا اعتقد ان التحالف يهتم بالزمن قدر اهتمامه بالسيطرة على اليمن لعقود قادمة و التي يرى ان الاصلاح و قوى الثورة يقفون حجر عثرة امام هذه الاهداف الاستعمارية.
لماذا كتبت هذا؟
لدق ناقوس الخطر عما يحاك لليمن ارضا و انسانا، شمالا و جنوبا.
نداءً اخيرا لانقاذ ما يمكن انقاذه و لتلافي الخطر الداهم.
نقلا عن صفحة الكاتب بالفيسبوك