الشيء الوحيد الذي سيكتبه التاريخ عن انتصارات الحوثيين هي إهانة الجماعة للأمم المتحدة، واللعب على هذه المنظومة العالمية التي تعتبر المثال الاعلى للمجتمع الدولي، وهي التي تمثل العالم .
تلك هي فقط الامثولة التي سيتفاخرون بها امام الاجيال القادمة.. سيتحدثون عن أيام ممتعة قضاها جمال بن عمر في احدى الكهوف بجانب ابو علي الحاكم وعبدالملك الحوثي.. ورسم الخطوات وحَبك الطبخة التي تناولها الحوثيين بشروع الامم المتحدة.
سيتفاخرون بتكرار زيارة جمال بن عمر الى صعدة للقاء بعبدالملك .. وتقبيل يده ارضاءاً لابتلاع الطبخة التي ستفيدهم جميعاً .
سيتفاخرون بأنهم في وقت اقتحامهم لصنعاء وفي يوم قدوم جمال بن عمر من اجل ذلك بأنهم جعلوه يغير من نبرة لغته اتجاه عبدالملك بالسيد عبدالملك قبل مقابلته او الالتقاء به. وسط اندهاش الحاضرين من مكوني الاحزاب.. وبعد تلك العاصفة اللغوية سأل سلطان البركاني بن عمر بنبرة استغراب.. "السيد" ؟ فازداد الحضور حيراً من رد بن عمر وهو يقول "نعم السيد عبدالملك" ويتبع عليه بالثناء وبأنه جزء من الحل بالبلاد.
غادر بن عمر.. اختفى عن الانظار .. عاد الى بلاده المغرب ليكتب مذكراته.. فقد نال شرف الجلوس مع عبدالملك الحوثي.. وكرم الضيافة مع ابو علي الحاكم. وحصل على ترقيات من امينه العام. ولو كانت ترقيات تقاعدية .
سيتفاخرون بأنهم كرروا الشيء نفسه على جميع مندوبي وممثلي تلك المنظمة ، احدهم اسماعيل ولد الشيخ الذي أهانه مهدي المشاط وقذفه بألفاظ رذيلة امام الدبلوماسيين ووسائل الاعلام في احدى فنادق جنيف .
سيتفاخرون بذلك.. وسيتعالون بأنهم ارغموا منظومة العالم كما تدعي على تطبيق كل شيء يريدونه.. بكل تأكيد ليس لقوتهم او لشرعيتهم، بل لان ما يقومون به يتناسق مع مصالح تلك المنظومة او بالأصح الدول التي تقف خلف تلك الجمعية .
سيتحدث التاريخ وكذلك الاجيال القادمة ان الحوثي انتصر على الامم المتحدة، ليس لأي شيء انما لتقارب المصالح المحدودة.. ومع إسلاكهم لنفس الطريق يستخدم الحوثي كافة سلبياته وغباءه المفرط بحق الخطاب الدبلوماسي والتهجم على الامم المحتدة واتهامها. ولم يكن ليفعل ذلك لولا فتح المجال له وتقبلهم بذلك .
تلك الحقيقة الوحيدة التي ستجعل من جماعة الحوثي التباهي بها.. بينما الانتصارات الوهمية الذي يدعون تحقيقها على الحدود تظل اكذوبة ذاتية سيلعنون انفسهم لسنوات من اجل فقط ارضاء ذاتهم .
هم يخسرون على كل الجبهات.. جماجمهم تترامي في اطراف تعز ، واشلائهم تختزل رمال الصحراء في الحدود .
بعد عقود من الزمن سيسمع طلفي وتلك الاجيال عن وجود بقايا من جثث انسان تابعة لجماعة كانت اسمها الحوثية.. تلك البقايا ستكون بكميات كبيرة.. سيكتشفون عن وجود مجنات ومقابر في صحراء الحدود .
فعبدالملك الحوثي وبشكل يومي يدفع بالمئات من عناصره الى الجبهات في تعز والحدود، يقذف بهم الى الهلاك.. يجرعهم حبوب الجهاد والقتال بدافع حماسي، ويرمي بهم في بحر اللا عودة .
في أكثر من مرة يَقدم قيادات حوثية عبر قبائل ووجهاء في تعز على وساطة للمقاومة كفيلة بالأمان لعناصرهم مقابل انسحابهم من المدينة.. فقط كجماعة وافراد.. غير مدركين او مهتمين بتحالفهم مع صالح وهدفه الحقيقي من ارغامهم لخوض معركة في تعز.. لكنهم لم يستطيعوا في كل الاحوال العودة بالنجاة في ظل تهديدات وضغوطات من المخلوع بالبقاء .
لا نشكك في ان من يحارب بتعز هي قوة علي صالح.. ألويته ومعداته العسكرية. وقادته.. لكن من في الجبهات وخطوط النار فهم مجرد عناصر حوثيين او متحوثين ، ولذلك نرى معنوياتهم محطمة.. بودهم العودة الى مدنهم. نادمين على نزولهم تعز.. انهم يدركون حقاً هذه المعركة. وماذا جَنوا منها.. كما انه الشعور نفسه لدى قادتهم. لكنهم لم يدركوا للبته انهم مجرد عناصر تابعين ليس لمركزهم انما لعلي صالح الذي اقحهم في معركة خاسرة ، واحرقهم في نارها دون حطب . او انتصار .
اسألوا عائلات صنعاء وعمران وذمار وصعدة عن اولادهم.. وانتم ذاهبون للتساؤل خذوا بعين الاعتبار بأنكم فقط ستجدونهم في زفاف جنازات مستمرة ومتتالية لأولادهم او يحاولون شراء اراضي القرية لدفن القادمين في الطريق ان حدث وعثروا على جثثهم .
أسألوهم.. لكن لن تحصلوا على الاجابة. ليس لانهم متألمون ولا يريدون البوح بمشارعهم.. بكونهم الدافع الكبير في إرسال ابنائهم الى المهالك. بل لأنه ليس هناك اسرة إلا واغلب شبابها واطفالها قد غادروا الحياة اشلاء وبعضهم لم يرى جثتهم واعداد قليلة يصارعون الموت على سرير الانعاش .
المقاطع التي تبثها قناة المسيرة على صحراء الحدود.. وتدعي انها في نجران وجيزان.. امر فاضح ، ومريب للدهشة بحيث ان السيناريوهات التمثيلية التي يقومون بها هي من صنيعهم انفسهم.. إذ ان قناة المسيرة تسير فوق مئات الجثث من عناصرها وعشرات العربات المدمرة من قواتها مواصلة التقدم نحو شريط الحدود بأي ثمن.. فقط للتمكن من التقاط مشهد قريب الى الاشتباك لثواني معدودة ثم تأخذ طريق العودة ان تمكنت من النجاة .
ليس ذلك بالشيء المؤسف بكونهم لا يخاطبون الشعب الواعي والمدرك لذلك، والرافض لهم. انما يخاطبون افرادهم المنهمكون حقاً وبحماسة لمشاهدة تلك الدراما. لإدراكهم الكامل بما يتمحور في اطار فكرهم ووعاء عقلهم المنغلق في دائرة الجهاد والعداء والقتال والكراهية المقيتة . كي يستمر مسلسل الدفع بهم نحو الموت المُحقق دون أي هدف او رؤية سوى غباء التوجه ، وجشاعة الهزيج ، وحماسة المزمار .
لا زلت اتذكر احد المنتميين لجماعة الحوثي في جلسة مقيل بصنعاء وهو يتساءل مع بداية عاصفة الحزم.. أين الرياض ؟ اين وادي الدواسر ؟ ثم أجاب بنفسه بالقول "اسبوع ونحن هناك .. فقط انتظروا .. ولا زلنا ننتظر حتى الان في وقت أصبحت قوات الجيش الوطني والمقاومة على ابواب صنعاء !